وأتباع التابعين، والقرون
المفضلة، ﴿وَقَلِيلٞ
مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ﴾، من آخِر
هذه الأمة ([1]).
لأنه
كلما تأخر الزمان اشتدت غربة الدين، وقَل أهل الإيمان الصحيح الذين يتمسكون بالدين
ويصبرون على الفتن والبلاء والامتحان! فهؤلاء قليلون، ويكونون غرباء في آخر
الزمان، ويكونون نُزَّاعًا من القبائل ([2])،
وكثير من الناس يمقتونهم، ويضايقونهم ويهينونهم، ويعارضونهم، لكنهم يصبرون وهم
قلة.
فالثلة
الأولى من صدر هذه الأمة، والقليل هم من آخر هذه الأمة.
ثم
ذَكَر الله عز وجل جزاءهم، فقال عز وجل: ﴿عَلَىٰ سُرُرٖ
مَّوۡضُونَةٖ ١٥ مُّتَّكِِٔينَ
عَلَيۡهَا مُتَقَٰبِلِينَ ١٦﴾
[الواقعة: 15- 16].
﴿سُرُرٖ﴾: جمع سرير، وهو الذي يُجلس عليه للراحة.
﴿مَّوۡضُونَةٖ﴾، مزينة بالذهب والفضة، والمعادن النفيسة، وأنواع
الجواهر التي لم ترها العيون في الدنيا، ومرصعة بمناظر عجيبة من مناظر الجنة، ليست
من مناظر الدنيا.
﴿مُّتَّكِِٔينَ
عَلَيۡهَا﴾، يستريحون ويستقرون عليها.
﴿مُتَقَٰبِلِينَ﴾، يَستقبل بعضهم بعضًا؛ لوجود المحبة فيما بينهم، فلا
يُعْرِض أحد منهم عن أحد، وإنما يكونون متقابلين من شدة المحبة والأُلفة والسرور.
بخلاف ما يكون عليه الناس في الدنيا، من كونهم متقاطعين متشاحنين متدابرين، يُعْرِض بعضهم عن بعض، حتى ولو كانوا مؤمنين،
([1]) انظر: تفسير ابن كثير (8/ 8)، وتفسير القرطبي (17/ 201).