×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

 فيكون بينهم شيء من الشحناء ومن التهاجر ومن التقاطع! فهذا كله يزول في الآخرة، قال تعالى: ﴿وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَٰنًا عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ [الحجر: 47].

فينزع الله من قلوب أهل الجنة الأحقاد والإحن، والتهاجر والتقاطع والكراهية، ويجعل محلها المحبة والأنس، بعضهم ببعض.

ثم ذَكَر الله عز وجل خُدَّامهم، فقال عز وجل: ﴿يَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ وِلۡدَٰنٞ مُّخَلَّدُونَ [الواقعة: 17]، أي: شباب، يَبْقَوْن على شبابهم، لا يَهْرَمون ولا يَكْبَرون، ولا يمرضون، ولا تتغير صفاتهم أبد الآباد، فهم مخلدون على هذه الصفة، هؤلاء هم خدمهم. وفي الآية الأخرى: ﴿وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ غِلۡمَانٞ لَّهُمۡ [الطور: 24]، وهنا ﴿وِلۡدَٰنٞ، والمعنى واحد، فهم شباب، بَهِيُّو المنظر، ومنظرهم لا يتغير أبدًا ([1]).

﴿بِأَكۡوَابٖ، جمع كوب، وهو ما لا عروة له وليس له خرطوم، وإنما هو مُدوَّر ([2]).

﴿وَأَبَارِيقَ، وهو: الكوب الذي له عروة، وله مَصَب ([3]).

﴿وَكَأۡسٖ، أي: شراب. مِثل قوله: ﴿وَيُسۡقَوۡنَ فِيهَا كَأۡسٗا [الإنسان: 17]، أي: شرابًا.

﴿مِّن مَّعِينٖ [الواقعة: 18]، من منبع صافٍ دائم، ليس ماء قليلاً ينقطع أو يشح، مثل ما يكون في الدنيا!

بل هو مَعين دائم من خمر، إلاَّ أنه خمر طيب ليس كخمر الدنيا الخبيث؛ ولهذا نَزَع الله منه الصفات القبيحة،


الشرح

([1])  انظر: تفسير الطبري (23/ 101)، وتفسير ابن كثير (8/ 11).

([2])  ويقال له أيضًا: الكوز. انظر: مقاييس اللغة (5/ 145)، ولسان العرب (1/ 729).

([3])  انظر: زاد المسير (4/ 221)، وتفسير القرطبي (17/ 203).