×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله سبحانه وتعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيۡفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ [الفرقان: 45]، قال: «مَا بَيْنَ طُلُوعِ الفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ» ([1]). وهذا من أطيب ما يكون في الدنيا.

﴿وَمَآءٖ مَّسۡكُوبٖ، فالشجر متنوع، والظل ممتد، والماء متوفر. وفي هذا دلالة على تكامل النعيم. والماء ليس راكدًا، بل هو مسكوب، يُصَب من أعلى فيكون بذلك لذة للأسماع، فالماء الذي يَنْصَبّ يكون له منظر بهيج.

﴿وَفَٰكِهَةٖ، الفاكهة: ما تَتفكه به النفوس وتتلذذ ([2])، ﴿كَثِيرَةٖ [الواقعة: 32] لا تنفد ولا تنقطع.

﴿لَّا مَقۡطُوعَةٖ. وذلك بخلاف فاكهة الدنيا، فإنها تأتي في وقت ثم تنقطع في وقت آخر، ففاكهة الشتاء تنقطع في الصيف، وفاكهة الصيف تنقطع في الشتاء. أما فاكهة الجنة فإنها لا تنقطع، بل هي دائمة ولا تقل أو تنفد، وكلما أُخِذ منها شيء صار في مكانه شيء يَخلفه.

﴿وَلَا مَمۡنُوعَةٖ، لا تمتنع عليهم مثل فاكهة الدنيا، فإنها قد تمتنع، إما في الشجر؛ حيث يكون الشجر صعب المنال، ولا يقدر عليه كل الناس. وإما بأن يسيطر عليه أحد ويمنع الناسَ منه. ففاكهة الجنة لا شيء يمنعها عمن أرادها.

﴿وَفُرُشٖ مَّرۡفُوعَةٍ، فُرُش مرفوعة على السُّرر، يجلسون عليها ويفترشونها. وليست مثل الفرش التي في الدنيا تكون على الأرض، وتكون على الغبار والشوك والحصى. بل هي مرفوعة، يستريح عليها أصحابها، ولا يَعلم وصفها إلاَّ الله سبحانه وتعالى، ولا يَلحقها ما يغيرها.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري تعليقًا، باب﴿ وَلۡيَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّۖ  [النور: 31].

([2])  انظر: مادة (فكه) في مقاييس اللغة (4/ 446)، وتاج العروس (36/ 458).