ثم قال عز
وجل: ﴿إِنَّآ
أَنشَأۡنَٰهُنَّ إِنشَآءٗ﴾،
هذا فيه ذكر أزواج أهل الجنة؛ لأن الضمير يرجع إلى ما سبق من ذكر النساء، ويؤخذ من
قوله عز وجل: ﴿وَفُرُشٖ
مَّرۡفُوعَةٍ﴾ [الواقعة: 34]؛ لأن المعلوم
أن الفُرُش تكون عليها الزوجات.
فنساء
الجنة ينشئهن الله عز وجل من غير ولادة كما في الدنيا، فإن نساء الدنيا من طريق
الولادة.
وهذا
يشمل الحور العين، ويشمل المؤمنات من نساء الدنيا، فإن المؤمنات من نساء الدنيا
ينشئهن الله أبكارًا، فالعجائز في الدنيا من المؤمنات يَعُدن أبكارًا يوم القيامة؛
كما قال عز وجل: ﴿فَجَعَلۡنَٰهُنَّ أَبۡكَارًا﴾.
﴿عُرُبًا﴾، جمع عَروب وهي: الحسناء التي لا يوصف حسنها وجمالها ([1]).
﴿أَتۡرَابٗا﴾، أي: في سن واحدة، بعضهم تِرب للآخَر في السن، لا يتفاوتون
في الأعمار كما في الدنيا، فسِن أهل الجنة الذكور والإناث ثلاث وثلاثون سنة ([2]).
وهذا غاية ما يكون من الشباب والقوة.
والبكر:
التي لم يَسبق أن طُمثت؛ كما قال عز وجل: ﴿لَمۡ
يَطۡمِثۡهُنَّ إِنسٞ قَبۡلَهُمۡ وَلَا جَآنّٞ﴾
[الرحمن: 74].
وأيضًا: البكارة تبقى ولو استمتع بها زوجها، فإنها لا تكون ثيبًا، بل تبقى بكرًا، كلما أتاها وجدها بكرًا. بخلاف نساء الدنيا فإنها إذا وُطئت زالت بكارتها وقَلَّت الرغبة فيها. أما نساء الجنة فلا تزول بكارتهن ([3]).
([1]) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 203)، ولسان العرب (1/ 591).