×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

﴿وَظِلّٖ مِّن يَحۡمُومٖ من دخان جهنم، المختلط بالدخان، فليس فيه راحة مثل ظل الجنة؛ ولهذا قال: ﴿لَّا بَارِدٖ وَلَا كَرِيمٍ، لا بارد لمن يَستظل به، ولا كريم، أي: ولا حَسَن المنظر، إذا كان جيدًا فإنه يقال له: كريم؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: «فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ» ([1]) أي: الجيد منها.

فهذا الظل ليس باردًا يستريحون فيه، ولا يُظلِّل عن حر الشمس. فليس فيه راحة وليس بهي المنظر، وإنما هو قبيح المنظر؛ لأنه دخان جهنم.

ثم ذَكَر السبب الذي أورثهم هذا الجزاء؛ لأن الله عز وجل حَكَمٌ عَدْل: يجزي الناس بأعمالهم، فيجزي المسيء بالجزاء السيئ، ويجزي المحسن بالجزاء الحسن، ويَزيد المحسنين من فضله. وأما الكفار فإنهم يجزيهم بأعمالهم فقط، ولا يعذبهم على شيء لم يعملوه.

فذَكَر سبحانه وتعالى السبب الذي أورث الكفار هذا المصير:

أولاً: ﴿إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَبۡلَ ذَٰلِكَ، أي: في الدنيا، ﴿مُتۡرَفِينَ، مستغرقين في الترف، يُعْطُُون أنفسهم ما تشتهي، ولو من الحرام.

والمترفون يعادون الرسل، ﴿وَكَذَٰلِكَ مَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّقۡتَدُونَ [الزخرف: 23].

فأكثر مَن يعادي الرسل هم المترفون؛ لأنهم لا يريدون التحول مما هم عليه من الترف. والرسل يأمرونهم بالعمل الصالح والعبادة، والجهاد والصيام، وهم لا يريدون هذا، يريدون أن يَبْقَوْا مترفين.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1496)، ومسلم رقم (19).