×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

فصاروا في الآخرة مُعذَّبين، وزال عنهم هذا الترف الذي انشغلوا به عن اتباع الرسل، وانشغلوا به عن العمل الصالح، فقد كانوا في الدنيا مشغولين في لهوهم وملذاتهم، لا يُصَلُّون، ولا يصومون، ولا يتصدقون، ولا يقومون الليل، ولا يعملون الأعمال الصالحة؛ لأن هذه الأعمال لا تتناسب مع الترف.

أما أهل الجنة فقد قال الله عز وجل فيهم: ﴿ءَاخِذِينَ مَآ ءَاتَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡۚ إِنَّهُمۡ كَانُواْ قَبۡلَ ذَٰلِكَ مُحۡسِنِينَ ١٦ كَانُواْ قَلِيلٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مَا يَهۡجَعُونَ ١٧ وَبِٱلۡأَسۡحَارِ هُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ ١٨ وَفِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ ١٩ [الذاريات: 16- 19].

أما هؤلاء فكانوا مترفين، لا يتحركون للعمل الصالح أبدًا، ولا يتركون الحرام وما فيه ملذاتهم، لا يتركون الخمر، ولا الزنا، ولا الربا، ولا الاعتداء على الناس، وأخذ أموالهم والتسلط عليهم، ﴿وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتۡرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجۡرِمِينَ [هود: 116]، فتكون العاقبة لهم سيئة.

أما المؤمنون وإن تعبوا في هذه الدنيا في العبادة والطاعة، وكَفُّوا عن محارم الله؛ فإنهم يتنعمون في الآخرة.

وهذا فيه ذم الترف، وأن الإنسان لا يترف نفسه ولا يستغرق في الملذات، وإنما يعتدل، ﴿وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمۡ يُسۡرِفُواْ وَلَمۡ يَقۡتُرُواْ وَكَانَ بَيۡنَ ذَٰلِكَ قَوَامٗا [الفرقان: 67]، ﴿يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ [الأعراف: 31].

فهؤلاء استغرقوا في الترف في الدنيا، وظنوا أنه ليس هناك بعث ولا حساب، وكَذَّبوا الرسل، وغرتهم الحياة الدنيا واطمأنوا بها، ولم تأتِ الآخرة لهم على بال، فانتقلوا إلى الآخرة وهم على هذه الحال،


الشرح