وهذه
عملية يشاهدونها، فالمرأة قبل الجماع ما فيها حمل، وهذا ليس مقصورًا على الآدميين،
بل في جميع ذوات الأرواح، بل حتى غير ذوات الأرواح، فالنباتات فيها أزواج، ذكور،
وإناث، ﴿وَمِن كُلِّ
شَيۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَيۡنِ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ﴾
[الذاريات: 49].
وقد
رأيتم هذا واقعًا، أن المرأة تكون خالية من الحمل، فإذا وطئها الزوج وألقى فيها
هذه النطفة، في قرار مكين، لا تضيع، ثم يمر عليها أطوار إلى أن تكون جنينًا، ذا
حياة ورُوح، فالله سبحانه وتعالى يخلق من هذا الماء هذا الجنين، ﴿خَلۡقٗا مِّنۢ
بَعۡدِ خَلۡقٖ فِي ظُلُمَٰتٖ ثَلَٰثٖۚ﴾
[الزمر: 6].
عن
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: حَدَّثَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم،
وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ قال: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي
بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ
ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ
الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ
رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ» ([1]).
وقال
عز وجل: ﴿وَلَقَدۡ
خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن طِينٖ﴾
[المؤمنون: 12]، هذا آدم عليه السلام، ﴿ثُمَّ جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ﴾،
أي: ذريته، ﴿ثُمَّ
جَعَلۡنَٰهُ نُطۡفَةٗ فِي قَرَارٖ مَّكِينٖ ١٣ ثُمَّ خَلَقۡنَا ٱلنُّطۡفَةَ عَلَقَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡعَلَقَةَ
مُضۡغَةٗ فَخَلَقۡنَا ٱلۡمُضۡغَةَ عِظَٰمٗا فَكَسَوۡنَا ٱلۡعِظَٰمَ لَحۡمٗا ثُمَّ
أَنشَأۡنَٰهُ خَلۡقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحۡسَنُ ٱلۡخَٰلِقِينَ ١٤﴾
[المؤمنون: 13- 14].
هذه بداية هذا الإنسان، وهذا تفصيل لقوله عز وجل: ﴿نَحۡنُ خَلَقۡنَٰكُمۡ﴾ [الواقعة: 57] ﴿نَحۡنُ خَلَقۡنَٰكُمۡ﴾، خلقهم الله على هذه الكيفية العجيبة.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3208)، ومسلم رقم (2643).