×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

 فالذي يحفظه بعد نباته من الآفات، وينميه، ويسوق الماء في أغصانه وأوراقه - هو الله عز وجل.

﴿فَظَلۡتُمۡ، أي: بَقِيتم إذا جعله الله حطامًا ﴿تَفَكَّهُونَ [الواقعة: 65]، أي: تتعجبون بحزن ([1])وتتحسرون، كيف أن الزرع بعد ما نبت وتكامل نباته، ورجوناه، صار حطامًا؟!

ثم تقولون: ﴿إِنَّا لَمُغۡرَمُونَ، والغُرْم هو الخَسارة ([2])، أي: نحن خَسِرنا هذا الزرع وغَرِمناه!! والغارم: هو الذي يخسر الشيء؛ كما قال الله عن صاحب الجنتين: ﴿وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِۦ فَأَصۡبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيۡهِ عَلَىٰ مَآ أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَٰلَيۡتَنِي لَمۡ أُشۡرِكۡ بِرَبِّيٓ أَحَدٗا [الكهف: 42].

كذلك أصحاب الزروع، إذا سَلَّط الله عليها ما يهلكها، فإنهم يتحسرون ويعترفون بأن الله عز وجل هو الذي أتلفها وحرمهم منها، ويقولون: ﴿بَلۡ نَحۡنُ مَحۡرُومُونَ.

ثم ذَكَر الله آية أخرى فقال عز وجل: ﴿أَفَرَءَيۡتُمُ ٱلۡمَآءَ ٱلَّذِي تَشۡرَبُونَ [الواقعة: 68]، نَصَّ على الشرب؛ لأنه أغلب وجوه الانتفاع بالماء، وإلا ففيه انتفاعات أخرى، لكن أهمها الشراب.

﴿ءَأَنتُمۡ أَنزَلۡتُمُوهُ مِنَ ٱلۡمُزۡنِ [الواقعة: 69]، أي: من السحاب ([3]). مَن الذي كَوَّن هذا السحاب ولَقَّحه بالماء، وساقه إلى الأرض الميتة وأَمَره أن يُنزل على الأرض بمقدار معلوم، ووزعه توزيعًا عادلاً؟ لا يَنصبّ جميعه فلا يُنتفع به، وإنما ينزله الله وَدْقًا من خلال السحاب، فالسحاب كالغرابيل التي ينزل الماء من خلالها.


الشرح

([1])  التفكه هو: التعجب. انظر: لسان العرب (13/ 324، 524)، وتاج العروس (36/ 461).

([2])  انظر: لسان العرب (12/ 437)، وتاج العروس (33/ 170).

([3])  انظر: مقاييس اللغة (5/ 318)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 325).