×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

 ثم ذَكَر الله آية أخرى، وهي النار، فقال: ﴿أَفَرَءَيۡتُمُ ٱلنَّارَ، أي: قد رأيتموها، ﴿ٱلَّتِي تُورُونَ، أي: تقدحون الزناد بالمروة فتُخرج نارًا ([1]) من بين الزناد. والمروة تشتعل بالنار، وتطبخون عليها وتستدفئون وتنتفعون بها، فالله أودع في هذه المروة وهذا الحديد النار التي تولدت من بينهما.

وقيل: المراد بذلك: الشجر الذي تَخرج منه النار، وهو المَرْخ والعَفَار، إذا حُكَّ غصن بغصن تولدت منهما النار ([2])، وهما أخضران. وهذا من آيات الله! أن غصنًا أخضر يُحَكّ بغصن أخضر، فتتولد النار من بينهما! قال تعالى: ﴿ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلۡأَخۡضَرِ نَارٗا فَإِذَآ أَنتُم مِّنۡهُ تُوقِدُونَ [يس: 80].

ألاَ يدل هذا على عظيم قدرة الله سبحانه وتعالى، حيث أوجد النار المحرقة في شجر أخضر، فكيف تجتمع الخضرة مع المادة المحرقة؟! هذا من قدرة الله سبحانه وتعالى؛ لأجل مصالح العباد.

وهذا الكِبريت يُستخرج من هذه المادة النارية، فهم يصنعونه من هذا النبات.

·        ففي النار فائدتان:

الفائدة الأولى: أن الله جعلها تُذكِّر بنار الآخرة، فهم يُكذبون بنار الآخرة، وعندهم النار في الدنيا. فإذا كنتم لا تطيقون نار الدنيا، فكيف تطيقون نار الآخرة؟! مع أن نار الآخرة أشد حرًّا، ولا تقاس حرارة النار في الدنيا بحرارة النار في الآخرة، وإنما هي جزء يسير من نار


الشرح

([1])  المروة: الحَجَر الأبيض الهش تكون فيه النار. انظر: تاج العروس (39/ 520).

([2])  المَرْخ والعَفَار: شجرتان فيهما نار، ليس في غيرهما من الشجر، ويُسوَّى من أغصانها الزناد فيُقتدح بها.انظر: تاج العروس (4/ 589).