×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

﴿تَنزِيلٞ مِّن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ، فأبان عن مصدر هذا القرآن، وأنه من الله، تكلم الله به، ثم حَمَله جبريل عليه السلام أمين الوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم.

فهذا يدل على أن القرآن نَزَل من عند الله، وأنه كلام الله منزل غير مخلوق.

ففي هذا رَدٌّ على الجهمية والمعتزلة، ومَن على مذهبهم، الذين يقولون: «إن القرآن مخلوق» قَبَّحهم الله! فمعنى هذا أنهم يصفون الله بعدم الكلام، وأن الله لا يتكلم - تعالى الله عن ذلك -، فنَفَوْا عنه صفة من أعظم صفاته سبحانه وتعالى.

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿أَفَبِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَنتُم مُّدۡهِنُونَ [الواقعة: 81]، هذا استفهام استنكار. والحديث هو القرآن، فهو حديث الرب سبحانه وتعالى، وكلام الرب سبحانه وتعالى، ﴿وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثٗا [النساء: 87]، ﴿وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلٗا [النساء: 122].

﴿أَنتُم مُّدۡهِنُونَ، متساهلون في العمل به، وإظهاره للناس والدعوة إليه. «المداهنة» معناها: التساهل في الشيء ([1]).

فالواجب: أن يُبلَّغ هذا القرآن، ولا يُداهَن فيه، ويُعمل به، ويُعَلَّمَ للناس، لا أن يُكتم منه شيء، أو أن يُؤول ويفسر بغير تفسيره.

وإنما يُبلَّغ للناس لفظه ومعناه وتفسيره من غير مداهنة وتساهل فيه، قال عز وجل: ﴿وَدُّواْ لَوۡ تُدۡهِنُ فَيُدۡهِنُونَ [القلم: 9]، ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفۡتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ لِتَفۡتَرِيَ عَلَيۡنَا غَيۡرَهُۥۖ وَإِذٗا لَّٱتَّخَذُوكَ خَلِيلٗا ٧٣ وَلَوۡلَآ أَن ثَبَّتۡنَٰكَ لَقَدۡ كِدتَّ تَرۡكَنُ إِلَيۡهِمۡ شَيۡ‍ٔٗا قَلِيلًا ٧٤ إِذٗا لَّأَذَقۡنَٰكَ ضِعۡفَ ٱلۡحَيَوٰةِ وَضِعۡفَ ٱلۡمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيۡنَا نَصِيرٗا ٧٥ [الإسراء: 73- 75].


الشرح

([1])  المداهنة هي: أن يُظهر المرء خلاف ما يُضمر. انظر: لسان العرب (13/ 162)، ومقاييس اللغة (2/ 308).