وهو
من عند الله عز وجل، فإذا أنفقتم أنفق عليكم وأعطاكم، وإذا أمسكتم أمسك عنكم.
الناس
الآن يريدون الاستثمار، ويريدون زيادة المال والأرباح، فلماذا لا يستثمرونها فيما
يبقى لهم، وفيما يُنمي أموالهم؟ لأن الزكاة تنمي المال، والصدقة تنمي المال، فهي
الاستثمار الصحيح، والاستثمار المخلوف، ﴿وَمَآ أَنفَقۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَهُوَ يُخۡلِفُهُۥۖ
وَهُوَ خَيۡرُ ٱلرَّٰزِقِينَ﴾
[سبأ: 39].
ثم
بَيَّن أجر مَن آمن وأنفق، فقال: ﴿ۚ لَا يَسۡتَوِي مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ
وَقَٰتَلَۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةٗ مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِنۢ
بَعۡدُ وَقَٰتَلُواْۚ﴾ [الحديد:
10]، المراد بالفتح: صلح الحديبية ([1])،
سماه الله فتحًا؛ لأن الله نَصَر به المسلمين ومكنهم، وكان مقدمة لفتح مكة ودخول
الناس في دين الله أفواجًا.
فالذين
آمنوا وأنفقوا قبل هذا الفتح - أعظم درجة من الذين آمنوا وأنفقوا بعده.
لأن
الذين آمنوا قبل الفتح وأنفقوا كانوا في وقت عسرة وفي وقت أذى من المشركين
ومضايقة، ومع هذا آمنوا، وكانوا في عسرة وفقر، ومع هذا أنفقوا.
أما بعد الفتح، فقد يَسَّر الله سبحانه وتعالى، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، ولم يُضايَق أحد عند إسلامه، بل خُلِّي السبيل لهم ليُسْلِموا. وأيضًا: توفرت الأموال بعد الفتح، وتوسعت الأرزاق والثروات؛ فلذلك صار مَن آمن قبل الفتح وأنفق أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد - أي: من بعد الفتح - وقاتلوا.
([1]) انظر: تفسير الطبري (27/ 220)، وزاد المسير (8/ 163)، وتفسير القرطبي (17/ 239).