وهذا
فيه أن المؤمنين يتفاضلون، بعضهم أفضل من بعض، الصحابة هم أفضل القرون، وهم
يتفاضلون، بعضهم أفضل من بعض، فالذين آمنوا منهم من قبل الفتح وقاتلوا أعظم درجة
من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا، يعني: جاهدوا في سبيل الله، فهم يتفاضلون بينهم.
ثم
قال عز وجل: ﴿وَكُلّٗا
وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ﴾
[الحديد: 10]، هذا فيه أنه لا يجوز تَنَقُّص المفضول، فيُبيَّن الفاضل ولكن لا
يُتنقص المفضول؛ ولهذا قال: ﴿وَكُلّٗا
وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ﴾
فالذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا وَعَدهم الله الحسنى، والذين أنفقوا من بعد
الفتح وقاتلوا وَعَدهم الله الحسنى، وهي الجنة ([1]).
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ﴾ [الحديد: 10]، أي: لا يَكن عندكم شك في أن ما تنفقونه
وأن ما تعملونه يضيع ويخفى على الله سبحانه وتعالى؛ فإن الله خبير به، عليم به،
وسيحفظه لكم ويضاعفه لكم، فلا تخافوا من ضياعه؛ لأنه عند ربكم سبحانه وتعالى محفوظ
لكم.
فهذا
فيه: الحث على الإيمان والإنفاق والجهاد في سبيل الله؛ لأن
الله يعلم كل ذلك، وكذلك يعلم مَن لا يؤمن ومَن لا ينفق، فهو عليم بكل شيء، وخبير
بكل شيء، وخبير بأعمالكم خيرها وشرها.
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا﴾ [الحديد: 11]، هذا فيه الحث على الإقراض.
والقرض في اللغة هو: القطع ([2]).
([1]) انظر: تفسير الطبري (27/ 221)، وزاد المسير (8/ 164)، والقرطبي (17/ 241).