والمراد
به هنا: أن تقتطع شيئًا من مالك، فتنفقه في سبيل الله، ويكون قرضًا حسنًا، ليس فيه
مِنّة، ليس فيه أذى، ولا طلب زيادة من المُقترِض.
وهل
الله عز وجل بحاجة إلى أنه يقترض من عباده؟
العادة
أن القرض يكون للمحتاج من الناس، فالقرض هو دفع مال لمن يَنتفع به، ويَرد بدله.
والقرض
مع الله تدفعه في طاعة الله، فيَرد عليك بدله وخيرًا منه، وإلا فالله غني عنك،
وإنما تُقرض لنفسك وتنفق لنفسك، والله عز وجل غني عنك.
فسُمِّي
الإنفاق في سبيل الله قرضًا من باب تطييب النفوس، إنك حين تنفق تقرضه الله عز وجل،
فهذا مما يوثق لك، ويطمئنك على إنفاقك، وأنه لا يضيع أبدًا؛ لأنك تقرض الله، وإلا
فالله غني وقادر على أن يغني الفقراء، لكن هذا من باب الابتلاء لعباده.
ومن
رحمته أن يُمكِّننا من أن ننفق من هذه الأموال فيما يعود علينا أجره.
وإلا فالله عز وجل غني عنا وعن صدقاتنا، لا كما يقول اليهود: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٞ وَنَحۡنُ أَغۡنِيَآءُۘ﴾ [آل عمران: 181]، لما سمع اليهودي قوله سبحانه وتعالى: ﴿إِن تُقۡرِضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا﴾ [التغابن: 17]، قال: الله فقير، ونحن أغنياء لأنه يقترض منا! قال الله عز وجل: ﴿لَّقَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٞ وَنَحۡنُ أَغۡنِيَآءُۘ سَنَكۡتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتۡلَهُمُ ٱلۡأَنۢبِيَآءَ بِغَيۡرِ حَقّٖ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ ١٨١ ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيۡسَ بِظَلَّامٖ لِّلۡعَبِيدِ ١٨٢﴾ [آل عمران: 181- 182]. فهم يتهكمون، ويريدون تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم.