عنها فيها مواعظ للقلوب،
واللائق بالمؤمن إذا سمعها أن يخشع قلبه لما يسمع، ﴿وَمَا نَزَلَ
مِنَ ٱلۡحَقِّ﴾ ما نَزَل في هذا القرآن من
الحق الواضح؛ فإن مَن تأمل القرآن بحضور قلب وتدبر، فإنه يخشع قلبه، قال سبحانه
وتعالى: ﴿لَوۡ
أَنزَلۡنَا هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ لَّرَأَيۡتَهُۥ خَٰشِعٗا
مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ﴾
[الحشر: 21].
فعلى
المسلم أن يتعلق بهذا القرآن: تلاوة، وتدبرًا وتأملاً في آياته، وعملاً؛ من أجل أن
يخشع قلبه.
وأما
إذا أعرض عن القرآن، أو تلاه بلسانه بدون حضور قلب، فإنه لا يخشع.
ثم
حَذَّرهم أن يسلكوا مسلك أهل الكتاب من اليهود والنصارى مع التوراة والإنجيل،
فقال: ﴿وَلَا
يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلُ﴾،
وهم اليهود والنصارى، آتاهم الله الكتاب، وهو التوراة والإنجيل، ولكنهم لم
يتدبروهما، ولم يمتثلوا ما فيهما من الأوامر والنواهي، فكانوا كما وصفهم الله ﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ
حُمِّلُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ ثُمَّ لَمۡ يَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ يَحۡمِلُ
أَسۡفَارَۢاۚ بِئۡسَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِۚ
وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾
[الجمعة: 5].
فليس
المقصود أنك تحفظ القرآن عن ظهر قلب، وأنك تقرؤه بتجويد وصوت حسن، ليس هذا هو
المقصود، هذا وسيلة إلى التدبر، والتدبر وسيلة إلى الخشوع والعمل. وأما مجرد أن
تحفظ القرآن وتتلوه وتجيد تلاوته، فهذا ليس هو المقصود، هذا كان عند أهل الكتاب من
قبل، فلا تسلك مسلكهم مع القرآن.
﴿فَطَالَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَمَدُ﴾ [الحديد: 16]، فأمهلهم الله وأملى لهم، ابتعدوا عن كتاب الله فقست قلوبهم.