وكذلك
القرآن، مَن ابتعد عنه فإنه يقسو قلبه، فينبغي للمسلم أن يكون متصلاً بالقرآن، أن
يكون له حزب من القرآن في كل يوم وليلة، ولا ينقطع عن القرآن، فإنه إن انقطع عن
القرآن، قسا قلبه.
فدل
هذا على: أن البعد عن القرآن والتقليل من تلاوة القرآن - أن ذلك
يقسي القلب. وأن الارتباط بالقرآن تلاوة وتدبرًا وعملاً - يُليِّن القلب.
قال
تعالى: ﴿ٱللَّهُ
نَزَّلَ أَحۡسَنَ ٱلۡحَدِيثِ كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا مَّثَانِيَ تَقۡشَعِرُّ
مِنۡهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمۡ
وَقُلُوبُهُمۡ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ ِ﴾
[الزمر: 23]، هذا هو القرآن.
﴿وَلَا
يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلُ﴾
[الحديد: 16]، فنهانا الله سبحانه وتعالى أن نتعامل مع القرآن الكريم كتعامل
اليهود والنصارى مع التوراة والإنجيل.
﴿فَقَسَتۡ
قُلُوبُهُمۡۖ﴾ [الحديد: 16]، لما قست قلوب
اليهود والنصارى، حَرَّفوا كتاب الله، وأدخلوا فيه ما ليس منه، وابتكروا أحكامًا
من عند أنفسهم، واتخذوا الأحبار والرهبان أربابًا من دون الله.
فهذا
مما يدل على: وجوب الرجوع إلى كتاب الله سبحانه وتعالى،
والارتباط به تعلمًا وتعليمًا، وقراءة وتلاوة، وتدبرًا وعملاً؛ حتى يكون حُجة لنا
عند الله سبحانه وتعالى، ﴿إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ
أَقۡوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ
لَهُمۡ أَجۡرٗا كَبِيرٗا ٩ وَأَنَّ ٱلَّذِينَ
لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا ١٠﴾ [الإسراء: 9- 10].
فالقرآن يُبشِّر ويُنذر في حين واحد، آيات الوعد إلى جانب آيات الوعيد، ذِكر الجنة إلى جانب ذِكر النار؛ من أجل أن تتعظ وتتذكر. فإذا جاء ذكر الجنة ترجو الله وتسأله وتعمل لها. وإذا جاء ذكر النار، تخاف وتستعيذ بالله منها، وتتجنب الأعمال الموصلة لها.