×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

 يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا» ([1]).

فـ ﴿ٱلصِّدِّيقُونَۖ: كثيرو الصدق مع الله ومع الناس، لا يُجَرَّب عليهم كذب أبدًا، وهم أعلى الدرجات بعد النبيين.

فهم صَدَقوا مع الله، وصَدَّقوا الرسل، وعملوا ظاهرًا وباطنًا، فنالوا هذه الدرجة - درجة الصِّدِّيقية -، وهي أعلى الدرجات بعد الأنبياء، ﴿وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقٗا [النساء: 69]، فذَكَر درجة الصِّديقين بعد النبيين.

﴿وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمۡ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ وَنُورُهُمۡۖ [الحديد: 19]، هذا استئناف، وليس معطوفًا على ما سبق، وإنما هو ابتداء الكلام.

قيل: المراد بالشهداء: الذين قُتِلوا في سبيل الله لإعلاء كلمة الله. قال الله عز وجل: ﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ يُرۡزَقُونَ ١٦٩ فَرِحِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَيَسۡتَبۡشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمۡ يَلۡحَقُواْ بِهِم مِّنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ١٧٠ يَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ١٧١ [آل عمران: 169- 171]، فهم أحياء حياة برزخية، ليست حياتهم في الدنيا لأنهم قُتِلوا، ﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ يُرۡزَقُونَ [آل عمران: 169]، فهم فارقوا الحياة في الدنيا، لكنهم أحياء عند ربهم يُرزقون.

﴿وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ [البقرة: 154]، لا تشعرون بحياتهم، بل هم أحياء عند ربهم حياة برزخية؛


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (6094)، ومسلم رقم (2607).