ولذلك يُعامَلون معاملة
الأموات، فيُكفَّنون بثيابهم ويُدفنون، وتَتزوج نساؤهم، وتستعد عِدة الوفاة بعدهم،
وتتزوج، وتورث أموالهم.
فهم
من جهة الدنيا أموات، لكن من جهة الآخرة أحياء، وقد جاء في الحديث الصحيح أن
أرواحهم تكون في أجواف طير خضر، تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش، تأكل من ثمار
الجنة، تسرح في أنهارها وأشجارها، ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش ([1]).
فهم
لما بَذَلوا أجسادهم في الدنيا لله عز وجل وقُتِلوا، أبدلهم الله بأجساد هذه الطير
الخضر، جعل أرواحهم فيها إكرامًا لهم.
وقيل:
المراد بالشهداء: الذين يَشهدون على الناس يوم القيامة، قال تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ
جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ
ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ﴾
[البقرة: 143].
فالشهداء
لهم أجرهم الذي لا يعلمه إلاَّ الله، ولهم نورهم الذي يسعى بين أيديهم وبأيمانهم.
ثم
ذَكَر الصنف الرابع، وهم الذين كفروا، فقال: ﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ
وَكَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِنَآ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ﴾ [الحديد: 19] أي: النار.
فقوله:
﴿وَٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِنَآ﴾،
كفروا بالله سبحانه وتعالى، هذا يقابل الذين آمنوا بالله ورسله.
﴿ٱعۡلَمُوٓاْ﴾، اعلموا: أي تنبهوا، ﴿أَنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ﴾، أي: تَصَرُّف كثير من الناس فيه لهو، يلهون به عن ذكر الله سبحانه وتعالى. ولعب لا فائدة فيه. واللعب ما ذُكر في القرآن إلاَّ مذمومًا؛ لأنه يُلهي عن ذكر الله. والإنسان ما خُلِق للعب، وإنما خُلق للجَد، يعمل لدنياه ويعمل لآخرته، لم يُخلق للعب.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1887).