﴿فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا﴾،
هذا تفسير لقوله: ﴿فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا﴾،
بعد أن كان أخضر ([1]).
﴿ثُمَّ يَكُونُ
حُطَٰمٗاۖ﴾، متكسرًا، ويصبح تبنًا
باليًا، تذروه الرياح.
وهذا
مَثَل للدنيا ساقه الله في آيات كثيرة، مثل ما في سورة الكهف، ومثل ما في سورة
يونس:
﴿إِنَّمَا
مَثَلُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ
بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ مِمَّا يَأۡكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلۡأَنۡعَٰمُ حَتَّىٰٓ إِذَآ
أَخَذَتِ ٱلۡأَرۡضُ زُخۡرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتۡ وَظَنَّ أَهۡلُهَآ أَنَّهُمۡ
قَٰدِرُونَ عَلَيۡهَآ أَتَىٰهَآ أَمۡرُنَا لَيۡلًا أَوۡ نَهَارٗا فَجَعَلۡنَٰهَا
حَصِيدٗا كَأَن لَّمۡ تَغۡنَ بِٱلۡأَمۡسِۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ
لِقَوۡمٖ يَتَفَكَّرُونَ﴾
[يونس: 24].
﴿وَٱضۡرِبۡ
لَهُم مَّثَلَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ
بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ فَأَصۡبَحَ هَشِيمٗا تَذۡرُوهُ ٱلرِّيَٰحُۗ وَكَانَ ٱللَّهُ
عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ مُّقۡتَدِرًا﴾
[الكهف: 45].
هذا
مثل الدنيا، تتزين وتتجمل، لكن عما قريب تتحول إلى خراب وإلى دمار، كل شيء عليها
يفنى: المباني، القصور، المزارع، المساكن، الحيوانات، الآدميون، ﴿كُلُّ مَنۡ
عَلَيۡهَا فَانٖ﴾ [الرحمن:
26].
ثم
ذَكَر الآخرة فقال: ﴿وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٞ شَدِيدٞ وَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ
وَرِضۡوَٰنٞۚ﴾ [الحديد: 20]، هذه مقارنة
بين الدنيا والآخرة؛ لأجل أن ينتبه المسلم، فلا يغتر بالدنيا، قال تعالى: ﴿إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ
حَقّٞۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ
ٱلۡغَرُورُ﴾ [لقمان: 33]، أي: الشيطان.
﴿وَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ﴾ لأهل الإيمان، فالمغفرة إنما تكون لأهل الإيمان، فقد يَستحق أحدهم دخول النار فيَغفر الله له، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾ [النساء: 48].
([1]) انظر: تفسير الطبري (27/ 232)، وزاد المسير (8/ 171)، وتفسير القرطبي (17/ 256).