فلو أن أحدًا سب موسى عليه
السلام، أو سب عيسى عليه السلام، أو سب داود عليه السلام، أو سب أحدًا من
الأنبياء؛ فإنه يجب عليك النصرة لهم ولا تسكت، بل تدافع عن الرسل بلسانك وقلمك
وبالسلاح إذا استدعى الأمر إلى هذا؛ لأن هذا من نصرة الرسل - عليهم الصلاة والسلام
-.
فأنت
آمنت به إيمانًا يقينًا، لا يتطرق إليه شك، والرسل ما رأيتهم، لكن آمنت بهم؛ لأن
الله أخبر أنه أرسل رسلاً مبشرين ومنذرين، ﴿مِنۡهُم مَّن
قَصَصۡنَا عَلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَيۡكَۗ﴾ [غافر: 78]، فتؤمن بهم، وتنصرهم، وتدافع عنهم أشد مما
تدافع عن نفسك وأولادك.
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ﴾،
فالله ليس بحاجة إلى نصرة، وهو قادر على أن ينصر رسله وينتقم ممن بغى عليهم، لكنه
يمتحنكم أنتم، مَن الذي يَنصر ويجاهد، ويدافع عن دينه وعن عقيدته؟ ومَن الذي
يَخْلُد إلى الأرض، ويستسلم ولا يهتم؟
ثم
قال سبحانه: ﴿وَلَقَدۡ
أَرۡسَلۡنَا نُوحٗا وَإِبۡرَٰهِيمَ وَجَعَلۡنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ
وَٱلۡكِتَٰبَۖ﴾ [الحديد: 26]، أي: أنزلنا
الكتب على الأنبياء من ذرية نوح ومن ذرية إبراهيم عليهما السلام.
﴿فَمِنۡهُم
مُّهۡتَدٖۖ﴾، أي: من ذرية نوح وإبراهيم
- عليهما السلام - مهتدٍ، هداه الله واتبع الرسل وآمن بالكتاب.
﴿وَكَثِيرٞ
مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ﴾، كثير من
ذرية نوح ومن ذرية إبراهيم فاسقون، يعني: خارجون عن طاعة الإيمان، وعن طاعة الله،
وعن الهداية، وضررهم على أنفسهم.
وهذا أيضًا فيه فائدة: وهي أنك لا تغتر بالكثرة وما عليه الناس، وإنما تتبع الحق، ولو لم يكن عليه أحد أو عليه قليل من الناس.