اتباعكم لعيسى عليه السلام
وإيمانكم به، والنصيب الثاني على اتباعكم لمحمد صلى الله عليه وسلم. كما قال
تعالى: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ
يُؤۡتَوۡنَ أَجۡرَهُم مَّرَّتَيۡنِ﴾
[القصص: 54]، الذين آمنوا بمحمد من اليهود والنصارى - الله يعطيهم أجرهم مرتين:
أجرًا على الإيمان السابق، وأجرًا على إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم.
﴿وَيَجۡعَل
لَّكُمۡ نُورٗا﴾، هذه فائدة أخرى في اتباع
محمد صلى الله عليه وسلم، أن الله يعطي مَن اتبعه نورًا يسير عليه في حياته الدنيا
وفي الآخرة، يسير على نور يوم القيامة.
﴿وَيَغۡفِرۡ
لَكُمۡۚ﴾ وهذه ثلاث مزايا: يؤتكم
كفلين من رحمته، ويجعل لكم نورًا تمشون به، ويغفر لكم إذا آمنتم بمحمد صلى الله
عليه وسلم.
﴿وَٱللَّهُ
غَفُورٞ﴾ كثير المغفرة، ﴿رَّحِيمٞ﴾ كثير الرحمة. هذا إطماع لهم في مغفرة الله ورحمته، لو
آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم.
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا
يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ﴾
[الحديد: 29] أي: أن الله سبحانه وتعالى أعطى هذه الأمة من الفضل ما لم يعطه
لغيرها، مع أنها آخِر الأمم، فهي أفضل الأمم، كما قال تعالى: ﴿كُنتُمۡ خَيۡرَ
أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ
وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ﴾
[آل عمران: 110].
فهم
خير الأمم وأكثر الأمم، وأكثر أهل الجنة، جعل هذا لهذه الأمة المحمدية ليَعلم أهل
الكتاب أن الفضل بيد الله؛ لأن أهل الكتاب يحسدون هذه الأمة، ولكن لا يقدرون على
منع فضل الله عليها.
﴿لِّئَلَّا﴾ «لا» صلة للتأكيد ﴿أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ﴾ هم اليهود والنصارى والتقدير: ليعلموا أنهم لا يَقدرون على شيء من فضل الله، أي: لا يَقدرون أن يمنعوا فضل الله النازل على هذه الأمة ([1]).
([1]) انظر: تفسير الطبري (27/ 246)، وتفسير القرطبي (17/ 267)، وتفسير ابن كثير (4/ 318).