حصولها مهما حاولت، فإن
هذا يُهوِّن عليك وقع المصيبة، فالصبر عند المصائب واجب، والجزع منها محرم، وهو من
أمور الجاهلية.
فالمؤمن
مَن يطمئن، ولا يجزع ولا يسخط عند المصيبة؛ لأنه يعلم أن هذا بقضاء الله وقدره،
وأنه لابد أن يقع عليه وأنه لا مفر منه. ويَشكر عند النعمة، ويَصبر عند النقمة.
هذا هو الإيمان.
﴿وَلَا
تَفۡرَحُواْ بِمَآ ءَاتَىٰكُمۡۗ﴾
[الحديد: 23]، يعنى: فَرَح أَشَر وبَطَر؛ كما قال المؤمنون لقارون: ﴿إِنَّ قَٰرُونَ
كَانَ مِن قَوۡمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيۡهِمۡۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ مِنَ ٱلۡكُنُوزِ
مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُۥ لَتَنُوٓأُ بِٱلۡعُصۡبَةِ أُوْلِي ٱلۡقُوَّةِ إِذۡ قَالَ
لَهُۥ قَوۡمُهُۥ لَا تَفۡرَحۡۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَرِحِينَ ٧٦ وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَۖ
وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡيَاۖ وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ
إِلَيۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِي ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِينَ
٧٧﴾ [القصص: 76- 77].
فالمؤمن
إن أصابته ضراء صبر، فكان ذلك خيرًا له. وإن أصابته سراء شكر، فكان ذلك خيرًا له.
فهو على خير في الحالين ([1]).
بخلاف
غير المؤمن؛ فإنه إن أصابته ضراء جَزِع وسَخِط، وإن أصابته سراء أَشِر وبَطِر
وتَكَبَّر.
ولا يقل إنسان: «الله مُقدِّر عليَّ الذي يحصل»، ولا يَبذل الأسباب، لا، بل يفعل الأسباب الجالبة للخير، ويفعل الأسباب الواقية من الشر، ولكن إذا لم يحصل مقصوده، فإنه يَرضى ويُسلِّم؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ يَهۡدِ قَلۡبَهُۥۚ﴾ [التغابن: 11]. «هُوَ الرَّجُلُ تُصِيبُهُ الْمُصِيبَةُ فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللهِ فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ» ([2])، هذا هو المؤمن.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2999).