×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

 ثم قال عز وجل: ﴿وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالٖ فَخُورٍ [الحديد: 23]، هذا تعقيب في ختام الآية، ﴿لَا يُحِبُّ: بمعنى أنه يُبْغِض لأنه إذا انتفى الحب وُجِد البغض. من صفات أفعاله عز وجل أنه يحب أهل الإيمان وأهل التوحيد، ويبغض أهل الكفر وأهل الشرك وأهل الكِبْر.

ثم قال عز وجل: ﴿ٱلَّذِينَ يَبۡخَلُونَ وَيَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبُخۡلِۗ [الحديد: 24]، الذين يبخلون عن الإنفاق في سبيل الله، فلا يُخرجون الزكاة والنفقات الواجبة لعوائلهم ولأهل بيوتهم، والنفقةَ المستحبة على المحتاجين من المسلمين. فهم يبخلون.

والبخل آفة وخَصلة ذميمة، يبغضها الله ويبغضها الناس، فالبخيل مُبْغَض عند الله وعند الناس، حتى عند أولاده، يُبغضونه. والسخي محبوب عند الله وعند الناس، ويُغطِّي عيوبه بالسخاء.

﴿ٱلَّذِينَ يَبۡخَلُونَ، فلا ينفقون في وجوه الخير، والواجب أنهم إذا أعطاهم الله شيئًا من المال، من الجاه، من العلم، ينفقون مما أعطاهم الله على غيرهم، ويحسنون إلى الناس؛ كما أحسن الله إليهم، ﴿وَأَحۡسِن كَمَآ أَحۡسَنَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ [القصص: 77].

ولا يكفي أنهم يبخلون في أنفسهم، بل يأمرون الناس بالبخل، هؤلاء الله عز وجل يُبغضهم ويَمقتهم، فالمسلم يكون كريمًا في نفسه، ويحث على الكرم والإنفاق في سبيل الله.

فالرزق من الله سبحانه وتعالى، فأَنْفِق يُنْفِق عليك؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لأسماء رضي الله عنها: «أَنْفِقِي، وَلاَ تُحْصِي، فَيُحْصِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ، وَلاَ تُوعِي، فَيُوعِيَ اللَّهُ عَلَيْكِ» ([1]) ﴿إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ خُلِقَ هَلُوعًا ١٩ إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعٗا ٢٠ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلۡخَيۡرُ مَنُوعًا ٢١ [المعارج: 19- 21].


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1433)، ومسلم رقم (1029).