فالمؤمن
ينفق مما آتاه الله، لكن من غير إسراف ومن غير بخل.
﴿وَٱلَّذِينَ
إِذَآ أَنفَقُواْ لَمۡ يُسۡرِفُواْ وَلَمۡ يَقۡتُرُواْ﴾
[الفرقان: 67]، التقتير هو: البخل ([1])،
﴿وَكَانَ بَيۡنَ
ذَٰلِكَ قَوَامٗا﴾ [الفرقان:
67].
وقيل:
إن قوله: ﴿ٱلَّذِينَ
يَبۡخَلُونَ وَيَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبُخۡلِۗ﴾
[الحديد: 24] بدل من قوله: ﴿كُلَّ مُخۡتَالٖ فَخُورٍ﴾
[الحديد: 23].
ولكن
الراجح أن قوله: ﴿ٱلَّذِينَ يَبۡخَلُونَ وَيَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبُخۡلِۗ﴾ [الحديد: 24]، مستأنف وليس له علاقة بما قبله ([2]).
﴿وَمَن
يَتَوَلَّ﴾، ومَن يتولَّ بنفسه،
ويُعْرِض عن طاعة الله وعن الإنفاق في سبيل الله ﴿فَإِنَّ ٱللَّهَ
هُوَ ٱلۡغَنِيُّ ٱلۡحَمِيدُ﴾
[الحديد: 24]، الله ليس محتاجًا إلى خلقه حينما يحثهم على الإنفاق، وعلى الصدقة،
وعلى بذل الخير، ويطلب منهم القرض؛ وإنما هم الذين يحتاجون إلى هذا؛ لأن ما ينفقون
خير لهم ويعود عليهم بالنفع، فهم المحتاجون لما ينفقون، والله أمرهم بذلك
لمصلحتهم، لا لنفع يعود عليه سبحانه وتعالى؛ فإنه غني حميد سبحانه وتعالى.
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ﴾ [الحديد: 25]، مِن فضل الله على عباده أنه أرسل إليهم
الرسل؛ لتدلهم على الخير، وتنهاهم عن الشر، وتهديهم إلى الجنة.
﴿بِٱلۡبَيِّنَٰتِ﴾، أي: بالمعجزات الباهرة، التي لا يستطيع البشر صنعها؛ لتدل على صدق الرسل، وأنهم رسل من عند الله.
([1]) انظر: مادة (قتر) في العين (5/ 124)، وتهذيب اللغة (9/ 59)، ومقاييس اللغة (5/ 55).