فـ«البينات»
هي: الأمور الخارقة للعوائد، ولا يَقدر عليها إلا الله سبحانه وتعالى؛ مثل قَلْب
العصا حية لموسى عليه السلام. ومثل إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص لعيسى
عليه السلام. ومثل القرآن العظيم لمحمد صلى الله عليه وسلم، فهو أعظم المعجزات، لا
يعدله شيء من المعجزات؛ لأنه جاء به رجل أمي لا يقرأ ولا يَكتب، ولا حضر دراسة،
ولا قرأ كتبًا، ثم يَنزل عليه هذا الكتاب العظيم، الذي أعجز الجن والإنس أن يأتوا
بسورة واحدة من مثله!! فهو أعظم البينات وأعظم المعجزات؛ ليدل على صدق هذا الرسول
صلى الله عليه وسلم.
﴿وَمَا كُنتَ
تَتۡلُواْ مِن قَبۡلِهِۦ مِن كِتَٰبٖ وَلَا تَخُطُّهُۥ بِيَمِينِكَۖ إِذٗا لَّٱرۡتَابَ
ٱلۡمُبۡطِلُونَ ٤٨ بَلۡ هُوَ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ
أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَۚ وَمَا يَجۡحَدُ بَِٔايَٰتِنَآ إِلَّا ٱلظَّٰلِمُونَ ٤٩﴾ [العنكبوت: 48- 49].
﴿ٱلۡكِتَٰبَ﴾اسم جنس، أي: جميع الكتب؛ كالتوراة، والإنجيل،
والزَّبور، والقرآن. فالكتاب اسم جنس، وهي الكتب التي جاء بها الأنبياء - عليهم
الصلاة والسلام - لهداية الخلق.
﴿وَٱلۡمِيزَانَ﴾، أي: وأنزلنا معهم الميزان، وهو: العدل الذي لا ميل فيه ولا جَوْر، يُعْطَى بموجبه أصحاب الحقوق حقوقهم، ويُنْصَف المظلومون من الظلمة، فهو عدل ([1])، فلا يجوز الظلم والجَوْر بحال من الأحوال. قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: «... وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» ([2])، المظلوم أيًّا كان، لا تَظلم الناس.
([1]) انظر: تفسير الطبري (27/ 2369)، وتفسير القرطبي (17/ 260)، وتفسير ابن كثير (4/ 315).