﴿إِلَّا
بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ﴾، أي:
بأمره سبحانه وتعالى، وقَدَره وقضائه على مقتضى مشيئته وحكمته، سبحانه وتعالى،
فنواصي العباد بيد الله، الشياطين، والكفرة والفسقة، والمؤمنون والصالحون، كلهم
نواصيهم بيد الله سبحانه وتعالى.
وقد
يُسلَّط الشياطين والجن على بني آدم، إما عقوبة وإما ابتلاء وامتحانًا، فلا
تخافوهم ما دام أنهم لن يضروكم إلاَّ بإذن الله، فليكن خوفكم من الله لئلا يسلطهم
عليكم.
﴿وَعَلَى ٱللَّهِ
فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾،
لا على غيره سبحانه وتعالى. والتوكل من أعظم أنواع العبادة، قال تعالى: ﴿فَٱعۡبُدۡهُ
وَتَوَكَّلۡ عَلَيۡهِۚ﴾
[هود: 123]، فَوِّض أمورك إلى الله، واجعل خوفك ورجاءك معلقًا بالله، والعباد
نواصيهم بيد الله سبحانه وتعالى، فلن يضرك أحد إلاَّ بإذن الله.
ولهذا
قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: «وَاعْلَمْ أَنَّ
الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ
إلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ
يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ
عَلَيْكَ» ([1]).
ولما
انتهى من النجوى، ذَكَر أدبًا آخَر من آداب المجالس، فقال سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَكُمۡ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلۡمَجَٰلِسِ فَٱفۡسَحُواْ
يَفۡسَحِ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ﴾
[المجادلة: 11].
المشروع: أن الإنسان إذا جاء إلى مجلس - أنه يَجلس حيث ينتهي به المجلس، ولا يقيم أحدًا ليجلس في مكانه، إلاَّ إذا قام ذلك الجالس من مكانه عن طِيب نفس. وإذا جاء ولم يجد مكانًا يجلس فيه، فإن
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2516)، وأحمد رقم (2669)، وأبو يعلى رقم (2556)، والحاكم رقم (6303).