﴿مَا يَكُونُ
مِن نَّجۡوَىٰ ثَلَٰثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمۡ﴾
[المجادلة: 7]، فالمَجالس التي يجلس فيها الاثنان والثلاثة، والأربعة والخمسة، وما
زاد وما نقص - كل هذه المجالس ليست مهملة، بل إن الله عز وجل مع الجالسين الذين
يتناجَون بينهم سرًّا ([1])،
اثنين كانوا، أو ثلاثة أو أربعة، أو أكثر أو أقل، الله معهم بعلمه وإحاطته، لا
بذاته عز وجل؛ لأن الله لا يكون مختلطًا بالخلق، ولكنه يَعلم ما يَصدر منهم، ويحيط
به سبحانه وتعالى.
﴿مَا يَكُونُ
مِن نَّجۡوَىٰ ثَلَٰثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمۡ وَلَا خَمۡسَةٍ إِلَّا هُوَ
سَادِسُهُمۡ﴾ [المجادلة: 7]، يَعلم
سبحانه وتعالى ما يتناجون به، وإن أخفوه عن الناس.
﴿إِلَّا هُوَ
مَعَهُمۡ﴾، معية إحاطة وعِلم وإحصاء.
·
لأن المعية على قسمين:
القسم
الأول: معية إحاطة مع جميع الناس. ومعناها: العلم، فالله مع
خلقه بعلمه، مع المؤمنين والكفار، والأبرار والفجار، معهم بعلمه وإحاطته سبحانه
وتعالى، وهو قريب منهم سبحانه وتعالى.
القسم
الثاني: معية خاصة بالمؤمنين، وهي: معية الحفظ، والنصر
والتأييد، والتسديد.
قال
الله لموسى وهارون عليهما السلام: ﴿لَا تَخَافَآۖ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسۡمَعُ وَأَرَىٰ﴾ [طه: 46]، لا تخافا من فرعون، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحۡسِنُونَ﴾
[النحل: 128]، ﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ
أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلۡمُتَّقِينَ﴾
[البقرة: 194] معهم معية نصرة وإعانة، وحفظ.
وهي بنوعيها معية العلم لا معية الاختلاط والحلول، كما يقوله أهل الضلال.
([1]) النجوى هي: حديث السر. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 25)، ولسان العرب (15/ 309).