﴿ۖ ثُمَّ
يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ﴾،
أحاط بهم في الدنيا، وعَلِم كل ما صَدَر منهم وضَبَطه عليهم، ولم يترك منه شيئًا،
ثم يوافيهم به يوم القيامة.
﴿وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ
فَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَٰوَيۡلَتَنَا
مَالِ هَٰذَا ٱلۡكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ
أَحۡصَىٰهَاۚ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرٗاۗ وَلَا يَظۡلِمُ رَبُّكَ أَحَدٗا﴾ [الكهف: 49].
فلا
أحد يُعذَّب بغير عمله أبدًا، أو يُنقص من عمله الصالح، ولا يزاد عليه من عمل
غيره؛ كما جاء في الحديث القدسي من قول رب العزة سبحانه وتعالى: «يَا عِبَادِي
إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا،
فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلاَ
يَلُومَنَّ إلاَّ نَفْسَهُ» ([1]).
ثم
خَتَم الآية مُعلِّلاً بقوله: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ﴾ لا يَخفى عليه شيء.
قال
الإمام أحمد وغيره: «افْتَتَحَ الآْيَةَ بِالْعِلْمِ، وَاخْتَتَمَهَا
بِالْعِلْمِ» ([2]).
فدل
على أن المراد بالمعية: معية العلم، لا معية المخالطة والمماسة - تعالى الله عن
ذلك -.
ثم قال عز وجل: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نُهُواْ عَنِ ٱلنَّجۡوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُواْ عَنۡهُ﴾ [المجادلة: 8]، هؤلاء هم اليهود الذين عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما هاجر إلى المدينة، لم ينقطع شرهم عن المسلمين، فكانوا إذا جلس بعضهم إلى بعض، ومر أحد من المسلمين، تكلموا فيه سرًّا فيما بينهم، فيسيء
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2577).