×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

 فالله لا يضيع الحسنات أبدًا وإن كانت قليلة، والسيئات إن كانت دون الشرك فهي تحت عفوه سبحانه وتعالى، إن شاء عَذَّب بها، وإن شاء عفا عنها، إذا كانت تقبل العفو وكانت دون الشرك.

ثم وَجَّه اللوم والتوبيخ إلى المنافقين، وهم: الذين يُظهرون الإسلام ويُبطنون الكفر؛ ليعيشوا مع المسلمين وينتفعوا بذلك، ويَسْلَموا على دمائهم وأموالهم.

فقال: ﴿أَلَمۡ تَرَ، أي: قد رأيت: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ تَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم، وهم اليهود. ﴿وَيَحۡلِفُونَ عَلَى ٱلۡكَذِبِ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ، يحلفون أنهم آمنوا بالله ورسوله، وهم ليسوا كذلك.

ثم بَيَّن سبحانه وتعالى جزاءهم، فقال: ﴿أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمۡ عَذَابٗا شَدِيدًاۖ، في الآخرة. والعذاب شاق ومؤلم، فكيف إذا كان شديدًا؟! فهذا أَخْوَف -والعياذ بالله-.

﴿إِنَّهُمۡ، أي: المنافقين، ﴿سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ، وعملهم أنهم: ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ، أي: سُترة يتترسون من ورائها ([1])، ويخادعون بها، وجُنة يستترون بها، ويخفون من ورائها كذبهم وغشهم وخديعتهم!!

فما كل مَن حَلَف يُصَدَّق، قال الله عز وجل: ﴿وَلَا تُطِعۡ كُلَّ حَلَّافٖ مَّهِينٍ [القلم: 10]؛ لأن كثرة الحلف تدل على الاستهانة باليمين. أما المؤمن فلا يُكثر من الإيمان، ولا يحلف إلاَّ عند الحاجة، ولا يحلف إلاَّ وهو صادق. وإذا صدرت منه اليمين، فإنه لا يتهاون بها؛ عملاً بقوله: ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚ [المائدة: 89].


الشرح

([1])  انظر: مقاييس اللغة (1/ 422)، ولسان العرب (13/ 94)، وتفسير الطبري (23/ 394).