×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

فالله أَيَّدهم بقوة إيمان منه سبحانه وتعالى. وهذه الهداية العظيمة التي مَيَّزوا بها بين المؤمن والكافر - إنما هي هداية من الله عز وجل؛ لأنه مَنَحهم الهداية والإيمان، وأيدهم برُوح منه.

﴿وَيُدۡخِلُهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ [المجادلة: 22]، هذا جزاؤهم في الآخرة: ﴿خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ، فهم لا يَنزلون بها يومًا أو يومين أو بضعة أيام، فهم خالدون باقون، لا تُسْلَب، ولا يأخذها أحد منهم، بل هي باقية ولا تفنى.

ثم أعلى من ذلك قوله: ﴿رَضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ، فلا يسخط عليهم أبدًا. والرضا ضد البغض والسَّخَط، فهم رَضُوا بما أعطاهم، وما أحد يستقل ما أعطاه، بل عنده أن ما أعطاه لم يُعْطَه أحد غيره، فتلذ أعينهم وتقر نفوسهم، حتى إن كل أحد منهم ما يرى أن أحدًا أفضل منه بما أعطاه الله سبحانه وتعالى.

بخلاف الدنيا، فالناس يتنافسون ويَتَاشَحُّون، وكُلٌّ لا يقنع بالذي معه. أما في الجنة فما أحد يرى أن أحدًا أحسن منه؛ ولذلك لا يَدِب إليه حسد ولا بغضاء ولا شحناء، كُلٌّ رَضِي بما أعطاه الله.

ورضا الله لا يعدله شيء، بل هو أكبر من النعيم الذي حلوا فيه، قال الله سبحانه وتعالى بعدما ذكر الجنة ونعيمها: ﴿وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَمَسَٰكِنَ طَيِّبَةٗ فِي جَنَّٰتِ عَدۡنٖۚ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۚ [التوبة: 72]، أي: أكبر من الجنة.

وكل هذا النعيم حاصل لهم بسبب الإيمان، وبسبب الولاء والبراء في هذه الدنيا، لأنهم صاروا مع الله سبحانه وتعالى، وعَادَوْا أقرب الناس إليهم في الله، ولم تأخذهم العصبية والحزبية في أن يحبوا أعداء الله، بل أحبوا الله، وأحبوا فيه سبحانه وتعالى، فمدار حبهم وبغضهم هو لله سبحانه وتعالى.


الشرح