×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ، أَوْ عَجِبَ مِنْ فَعَالِكُمَا». فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ [الحشر: 9] ([1]).

والآية عامة في الأنصار كلهم، وإن كان هذا سبب نزولها.

﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ، و«الشُّح» هو: الحرص الشديد الذي يَحمل صاحبه على الطمع ([2]). فبدل أن يبذل، يأخذ ما في أيدي الناس بسبب الشح وضيق النفس؛ لأن الغِنى غِنى النفس، وليس الغِنى كثرة المال.

فإذا ضاقت النفس وجَشِعت، فهذا هو الشح. والشحيح لا يغنيه شيء؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ» ([3]).

فكم من غني بنفسه وإن كان ماله قليلاً، وكم من فقير في نفسه وإن كان له المليارات والملايين!

فمن وُقِي الشح ﴿فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ [الحشر: 9].

والأنصار كذلك، وقاهم الله شح أنفسهم، فجادوا على إخوانهم المهاجرين، فقاسموهم أموالهم وبيوتهم.

حتى قيل: إن سعد بن الربيع قال لعبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنهما: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، إِنِّي مِنْ أَكْثَرِ الأَْنْصَارِ مَالاً، وَأَنَا مُقَاسِمُكَ وَلِي امْرَأَتَانِ، فَأَنَا أُطَلِّقُ لَكَ إِحْدَاهُمَا فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجْهَا،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3798)، ومسلم رقم (2054).

([2])  انظر: مقاييس اللغة (3/ 178)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 448).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (6446)، ومسلم رقم (1051).