ولهذا
يقول كعب بن زهير في وصفهم:
لاَ
يَقَعُ الطَّعْنُ إلاَّ في نُحُورِهِمُ |
|
وَمَا
لَهُمْ عَنْ حِيَاضِ الْمَوْتِ تَهْلِيلُ |
([1])هذه
صفة الصحابة رضي الله عنهم.
أما
هؤلاء، فإنهم يولون الأدبار؛ كما قال عز وجل في الكفار: ﴿سَيُهۡزَمُ ٱلۡجَمۡعُ
وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ﴾
[القمر: 45]، من الجبن والخوف.
ولهذا
قال الله للمؤمنين: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ زَحۡفٗا فَلَا تُوَلُّوهُمُ ٱلۡأَدۡبَارَ ١٥ وَمَن يُوَلِّهِمۡ يَوۡمَئِذٖ دُبُرَهُۥٓ إِلَّا مُتَحَرِّفٗا
لِّقِتَالٍ أَوۡ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٖ فَقَدۡ بَآءَ بِغَضَبٖ مِّنَ ٱللَّهِ
وَمَأۡوَىٰهُ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ ١٦﴾ [الأنفال: 15- 16]، والفرار من الزحف من أكبر الكبائر ([2]).
ولكن
المنافقين لا يأنفون من ذلك، فهم ينهزمون لأنهم يكرهون الموت، وليس عندهم إيمان
بما عند الله للشهداء والمجاهدين في سبيل الله، بل هم يحبون الحياة ويكرهون الموت،
ولا يؤمنون بما بعد الموت.
﴿ثُمَّ لَا
يُنصَرُونَ﴾، لا يُنصر القوم الذين معهم
منافقون.
ولهذا قال سبحانه وتعالى لما تأخر المنافقون عن الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، قال الله عز وجل: ﴿لَوۡ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمۡ إِلَّا خَبَالٗا وَلَأَوۡضَعُواْ خِلَٰلَكُمۡ يَبۡغُونَكُمُ ٱلۡفِتۡنَةَ وَفِيكُمۡ سَمَّٰعُونَ لَهُمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [التوبة: 47]، فالله أقعدهم، ومنعهم من الخروج مع رسوله؛ لأنهم يُفسدون في الجيش ويُخذلون، ويُرجفون، وهذا شأنهم، كما حصل منهم في وقعتي أُحُد والأحزاب.
([1]) انظر: سيرة ابن هشام (2/ 513)، والروض الأُنُف (7/ 380).