﴿أَصۡحَٰبُ
ٱلۡجَنَّةِ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ﴾،
أي: الناجون من عذاب الله يوم القيامة، فالفوز هو: النجاة، ﴿فَمَن زُحۡزِحَ
عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدۡخِلَ ٱلۡجَنَّةَ فَقَدۡ فَازَۗ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ
إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ﴾
[آل عمران: 185].
و«(الفوز»
مأخوذ من المفازة، وهي: المَهْلَكة التي قَلَّ من ينجو منها؛ لأنها مُهلكة، ليس
فيها أنيس، وليس فيها طعام ولا شراب، فيهلك الإنسان في المفازة ([1])،
فمن نجا من المفازة يقال له: فاز. ومَن هلك فيها، فإنه خاب وخسر وهلك.
وإذا
كان أصحاب الجنة هم الفائزين، فأصحاب النار هم الخاسرون الذين خسروا أنفسهم
وأهليهم يوم القيامة، ﴿قُلۡ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ
أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ﴾ [الزمر: 15]، هؤلاء الذين انحصرت فيهم الخسارة التي لا
تُعَوَّض.
ثم
ضَرَب الله مثلاً لهذا القرآن الذي أَنزل فيه المواعظ والترغيب والترهيب، وفيه
الأوامر والنواهي، والحِكَم والأمثال، فقال عز وجل: ﴿لَوۡ
أَنزَلۡنَا هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ عَلَىٰ جَبَلٖ﴾
[الحشر: 21]، فالجبل الأصم الصُّلْب لو خوطب بهذا القرآن ﴿لَّرَأَيۡتَهُۥ
خَٰشِعٗا مُّتَصَدِّعٗا مِّنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۚ﴾
[الحشر: 21].
أما قلب ابن آدم، فإنه لا يتأثر بالقرآن، إلاَّ مَن كان عنده إيمان، وخوف وخشية من الله عز وجل. أما الفاجر والكافر، فإنهما لا يلتفتان إلى هذا القرآن، فقلوبهما أشد من الجبل؛ لأن الجبل وهو حجارة صماء يتصدع من خشية الله ويخشع. أما قلب هذا الإنسان الفاجر، فهو أقسى من الجبل - نسأل الله العافية -.
([1]) انظر: لسان العرب (2/ 547)، وتاج العروس (15/ 273).