إلاَّ بنبينا صلى الله
عليه وسلم، بل نقتدي به عليه السلام؛ حيث أُمِر رسولنا صلى الله عليه وسلم باتباعه
﴿ثُمَّ
أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ أَنِ ٱتَّبِعۡ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ
مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾ [النحل:
123].
﴿قَدۡ كَانَتۡ
لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ﴾،
الأسوة معناها: القدوة ([1])
وذلك في باب الولاء والبراء، وفي الدين كله؛ لأن القدوة على قسمين: قدوة حسنة،
وقدوة سيئة. وإبراهيم عليه السلام قدوة حسنة، ﴿وَٱلَّذِينَ
مَعَهُۥ﴾، أي: الذين اتبعوه وآمنوا
به عليه السلام.
﴿إِذۡ قَالُواْ
لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ﴾، فصارحوهم بذلك، قولاً وإعلانًا، ولم يُظهروا مودتهم
مداهنة وتملقًا، أو إعجابًا بما عندهم من زهرة الدنيا.
فأين
الذين يقولون: «لا تعلنوا هذا، ولا تُنفروا الناس، لا تفعلوا كذا؛ حتى لا تشوهوا
الإسلام!!»؟!
﴿إِذۡ قَالُواْ
لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ﴾،
والبراءة معناها: المزايلة والانقطاع ([2])،
أي: قَطْع صلة المحبة والنصرة للكفار.
﴿وَمِمَّا تَعۡبُدُونَ
مِن دُونِ ٱللَّهِ﴾، هذا
فيه دليل على: أن البراءة تكون من الكفار ومن دينهم.
﴿إِنَّا
بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ﴾، فبدءوا
بالبراءة منهم، ثم تبرءا من دينهم فقالوا: ﴿وَمِمَّا
تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾.
ثم قالوا لهم: ﴿كَفَرۡنَا بِكُمۡ﴾، أي: تبرأنا منكم، واعتقدنا كفركم وبطلان ما أنتم عليه. وهذه ملة إبراهيم عليه السلام، وهذا إظهار الدين.
([1]) انظر: مقاييس اللغة (1/ 105)، وتاج العروس (37/ 75).