فهذا
حاصل القصة، والرسول صلى الله عليه وسلم عذر حاطبًا رضي الله عنه لَمَّا صَدَقه
ولم يكذب، وكان قد فَعَل هذا عن اجتهاد، لا عن شك أو ريب أو ردة عن الإسلام، بل
كان مؤمنًا صادق الإيمان..
ولذلك
نادى - الله عز وجل - الجيش كله بما فيهم حاطب رضي الله عنه فقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾، فناداهم
باسم الإيمان، ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ﴾ [الممتحنة: 1]، هذا دليل على: أن اتخاذ عدو الله وليًّا
ينافي الإيمان.
على
أن مَن والى الكفار، فإن الموالاة تتنافى إما مع كمال الإيمان، وإما مع الإيمان
أصلاً. فإذا صَدَر هذا من مؤمن، فهذا ينافي كمال الإيمان. وإذا صَدَر من منافق،
فإنه ينافي الإيمان كله.
وحاطب
رضي الله عنه ذَكَر أنه لم يَفعل ما فَعَل عن موالاة لهم، وإنما فَعَله عن اجتهاد
أخطأ فيه، وعَذَره رسول الله صلى الله عليه وسلم لسابقته في الإسلام وجهاده في
سبيل الله.
﴿لَا
تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي﴾،
وعدو الله هو: الكافر، ﴿فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوّٞ لِّلۡكَٰفِرِينَ﴾ [البقرة: 98]، ﴿وَعَدُوَّكُمۡ﴾، وعدو المؤمنين هو: الكافر -أيضًا-.
فالكافر
عدو لله وعدو للمؤمنين، فلا يليق بنا أن نحبه، وأن نواليه ونتولاه، وهو عدو لله
وعدو للمؤمنين.
والوَلاية هي: المحبة والنصرة ([1]). فإذا اجتمعت المحبة للكفار والنصرة لهم، ارتد الإنسان عن دينه. أما إذا أحبهم ولم يناصرهم، فهذا خطر على دينه لأن محبتهم وسيلة لنصرتهم.
([1]) انظر: مختار الصحاح (ص306)، ولسان العرب (15/ 406)، والمصباح المنير (2/ 672).