وقوله
عز وجل: ﴿تُلۡقُونَ
إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ﴾،
تفسير لقوله: ﴿لَا
تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ﴾،
أي: تُظهرون لهم المودة، ﴿وَقَدۡ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ﴾، والحق هو الذي بَعَث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم،
فكفروا به وجحدوه، وهم يعلمون أنه حق، لكن حَمَلهم الكِبْر والحسد والحَمِية لدين
الجاهلية - على الكفر به.
هذه
جريمة واحدة. والثانية: ﴿يُخۡرِجُونَ ٱلرَّسُولَ وَإِيَّاكُمۡ أَن تُؤۡمِنُواْ
بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ﴾
[الممتحنة: 1]، يُخرجون الرسول وإياكم من مكة، فهم الذين أخرجوا الرسول صلى الله
عليه وسلم، وأخرجوا أصحابه. والسبب هو ﴿أَن تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ رَبِّكُمۡ﴾كما قال تعالى: ﴿وَمَا
نَقَمُواْ مِنۡهُمۡ إِلَّآ أَن يُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ﴾ [البروج: 8].
ثم
قال عز وجل: ﴿إِن كُنتُمۡ خَرَجۡتُمۡ
جِهَٰدٗا فِي سَبِيلِي وَٱبۡتِغَآءَ مَرۡضَاتِيۚ﴾
[الممتحنة: 1]، أي: إن كان قَصْدهم من الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
الجهاد في سبيل الله، فهذا يمنعكم من مودة الكفار.
وجواب
الشرط محذوف، أي: فلا توالوهم.
ثم
قال الله عز وجل معاتبًا المؤمنين: ﴿تُسِرُّونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ﴾، بأن تواصلوهم بالمودة سرًّا. والله عز وجل لا يَخفى
عليه شيء، ﴿وَأَنَا۠
أَعۡلَمُ بِمَآ أَخۡفَيۡتُمۡ وَمَآ أَعۡلَنتُمۡۚ﴾،
فما خَفِيَ على الناس فإن الله عز وجل يعلمه.
وكل
هذا عتاب لما حصل من حاطب رضي الله عنه مما اجتهد فيه.
ثم
قال عز وجل: ﴿وَمَن
يَفۡعَلۡهُ مِنكُمۡ﴾، أي: يواد
الكفار بعدما أنزل الله القرآن فيه، وتبين لكم أن هذا حرام، لا تجوز معاودته فمَن
عاوده، ﴿فَقَدۡ ضَلَّ
سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ﴾، أي: عن
الطريق، وهو طريق الإيمان.
ولم يقل: «ومَن فَعَله»، حتى لا يقال: إن حاطبًا رضي الله عنه قد ضل سواء السبيل؛ لأنه فَعَل شيئًا من ذلك اجتهادًا منه.