·
ثم واصل سبحانه وتعالى بيان
الأسباب التي تقتضي من المسلمين ألاَّ يتخذوا الكفار أولياء، وهي:
أولاً:
﴿إِن يَثۡقَفُوكُمۡ
يَكُونُواْ لَكُمۡ أَعۡدَآءٗ﴾،
إن يستولوا عليكم، وتكونوا في قبضتهم وتحت سلطتهم، فلن يرفقوا بكم، ولن يُخفوا ما
عندهم من العداوة، ﴿لَا يَرۡقُبُونَ فِي مُؤۡمِنٍ إِلّٗا وَلَا ذِمَّةٗۚ﴾ [التوبة: 10]، فهل توادونهم وهم كذلك؟!
ثانيًا:
﴿وَيَبۡسُطُوٓاْ
إِلَيۡكُمۡ أَيۡدِيَهُمۡ﴾،
بالضرب، والقتل والتعذيب، ﴿وَأَلۡسِنَتَهُم بِٱلسُّوٓءِ﴾،
وهو السب والشتم ([1]).
وهذه
طبيعة الكفار دائمًا وأبدًا! والواقع خير شاهد على ذلك، فلما استولَوا على
المسلمين في بعض بلادهم في هذا الزمن، ماذا صنعوا من الأفاعيل المنكرة؟ ماذا صنعوا
من الوحشية؟ ماذا صنعوا من التدمير؟ ماذا صنعوا من الفتك وسفك الدماء؟ ماذا صنعوا
من تهجير المسلمين من بلادهم وبيوتهم وإجلائهم؟ هذا شيء واضح، وهذا مصداق قوله عز
وجل: ﴿إِن
يَثۡقَفُوكُمۡ يَكُونُواْ لَكُمۡ أَعۡدَآءٗ وَيَبۡسُطُوٓاْ إِلَيۡكُمۡ
أَيۡدِيَهُمۡ وَأَلۡسِنَتَهُم بِٱلسُّوٓءِ وَوَدُّواْ لَوۡ تَكۡفُرُونَ﴾ [الممتحنة: 2].
وحتى
لو أظهروا لنا التملق والتسامح والدبلوماسية، فلا يتخلَّون عن طبيعتهم، وإنما هذا
لحاجتهم إلينا ولأجل أن يخدعونا، فلا نغتر بما يُظْهِرون.
قال
الله عز وجل: ﴿وَإِذَا
لَقُوكُمۡ قَالُوٓاْ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوۡاْ عَضُّواْ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَنَامِلَ
مِنَ ٱلۡغَيۡظِۚ قُلۡ مُوتُواْ بِغَيۡظِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُور﴾ [آل عمران: 119].
﴿إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡ﴾، إذا أفاض الله عليكم المال والغنى والغيث، يستاءون من ذلك، ولا يريدون أن يُرزق المسلمون، يريدون
([1]) انظر: تفسير الطبري (23/ 316)، وتفسير ابن كثير (8/ 115) وتفسير القرطبي (18/ 55).