×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

ولما اشترطوا هذا الشرط على النبي صلى الله عليه وسلم، قال له الأصحاب رضي الله عنهم: يا رسول الله، أنكتب هذا؟! قَالَ: «نَعَمْ، إِنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إِلَيْهِمْ فَأَبْعَدَهُ اللهُ، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ سَيَجْعَلُ اللهُ لَهُ فَرَجًا وَمَخْرَجًا» ([1]).

فلما انبرم هذا الصلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين، جاء نساء من المسلمات فارات من الكفار، وكان بموجب العقد أن يردهن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه عام، فأَنزل الله هذه الآية مبينة أن النساء لسن مثل الرجال ولا يشملهن الرد، فهذه الآية مُخصِّصة.

﴿إِذَا جَآءَكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٖ، ما جئن لطلب دنيا أو لرفاهية أو طمعًا في أزواج يتزوجنهن، وإنما جئن مهاجرات فارات بدينهن.

فلا يُقْبَلن مباشرة؛ لأنه ربما تأتي مَن لا تريد الهجرة، وإنما تريد غرضًا آخر، فقال عز وجل: ﴿فَٱمۡتَحِنُوهُنَّۖ، أي: اختبِروهن حتى تعرفوا صدق إيمانهن، فحَلِّفوهن بالله، وناقِشوهن في سبب مجيئهن مناقشة دقيقة؛ حتى يتبين لكم السبب، هل هو الهجرة أو غير الهجرة؟ فإذا كان الهجرة فلا تَرُدوهن إلى الكفار.

﴿فَإِنۡ عَلِمۡتُمُوهُنَّ مُؤۡمِنَٰتٖ، بعد الاختبار ﴿فَلَا تَرۡجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلۡكُفَّارِۖ، مثل ما يَرجع الرجال، ﴿لَا هُنَّ حِلّٞ لَّهُمۡ وَلَا هُمۡ يَحِلُّونَ لَهُنَّۖ، فلا يجوز التزاوج بين المسلمين والكفار. لا يجوز للكافر مطلقًا، سواء كان كتابيًّا أو غير كتابي - أن يتزوج مسلمة؛ لقوله عز وجل: ﴿وَلَا تُنكِحُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤۡمِنُواْۚ وَلَعَبۡدٞ مُّؤۡمِنٌ خَيۡرٞ مِّن مُّشۡرِكٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَكُمۡۗ [البقرة: 221]، ولا يجوز للمسلم أن يتزوج كافرة ما عدا الكتابية؛ لقوله عز وجل: ﴿وَلَا تَنكِحُواْ ٱلۡمُشۡرِكَٰتِ حَتَّىٰ يُؤۡمِنَّۚ وَلَأَمَةٞ مُّؤۡمِنَةٌ خَيۡرٞ مِّن مُّشۡرِكَةٖ وَلَوۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡۗ [البقرة: 221].


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1784).