ففيه
أن الرسول والمؤمنين يستغفرون لإخوانهم وأخواتهم، مع أنفسهم ﴿رَبَّنَا
ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ﴾ [الحشر: 10].
فهذا
إكرام لهؤلاء النسوة اللاتي يبايعن الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد أكرمهن الله
باستغفار رسوله صلى الله عليه وسلم لهن، ومَن استغفر له الرسول غَفَر الله له.
وهذا
دليل على: أن التوبة تَجُبّ ما قبلها، فالبيعة توبة، تَجُب ما
قبلها من الكفر ومن الشرك، ومن الذنوب والمعاصي.
﴿إِنَّ ٱللَّهَ
غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾، تعليل
للأمر بالاستغفار، بأن الله كثير التوبة وكثير الرحمة.
ثم
خَتَم السورة بما بدأها به، فقال سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ﴾. وفي بدايتها يقول سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ﴾، وفي هذه الآية يناديهم فيقول: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ﴾، والتولي سبق أنه: المحبة لهم والنصرة لهم على
المسلمين.
﴿لَا
تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ﴾،
استحقوا غضب الله، فالكافر مغضوب عليه، سواء كان كتابيًّا - يهوديًّا، أو
نصرانيًّا - أو وثنيًّا.
فالواجب:
أن تُحِب مَن يحبه الله، وأن تُبْغِض مَن يُبغضه الله. هذا هو مقتضى الإيمان، وهذا
هو الولاء والبراء الذي هو أصل من أصول العقيدة التي يحاول الكفار وأذنابهم أن
يقضوا عليه وأن يخفوه، وكل هذا من المحادة لله ولرسوله، والتكذيب لكتاب الله وسُنة
رسوله صلى الله عليه وسلم.
فالواجب: التنبه لهذا الأمر الذي يحيكون حوله؛ لإزالته وعدم الفوارق بين المسلمين والكفار، يقولون: «كلهم بنو آدم»، حتى قالوا: «إن الأديان سواء» دين اليهود المغضوب عليهم، ودين النصارى الضالين، ودين الإسلام، كلها سواء عندهم.