وأما
الإيمان بمعنى التصديق، فهذا هو الإيمان اللُّغوي.
ناداهم
بهذا الوصف لأنهم أهل الامتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى، فإيمانهم يقتضي أنهم
يُصغون لنداء الله، ويفعلون ما أمرهم به؛ فلهذا ناداهم بهذا الوصف الكريم.
﴿لِمَ
تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ﴾،
سبب نزول هذه الآية ([1]):
أن جماعة من الصحابة تذاكروا فقالوا: «وَاللهِ لَوْ أَنَّا نَعْلَمُ مَا
أَحَبُّ الأَْعْمَالِ إِلَى اللهِ، لَعَمِلْنَاهُ»، فأنزل الله هذه الآية: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِهِۦ صَفّٗا كَأَنَّهُم بُنۡيَٰنٞ
مَّرۡصُوصٞ﴾ [الصف: 4].
فلا
شك أن القتال مكروه للنفوس؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿كُتِبَ
عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡٔٗا
وَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّواْ شَيۡٔٗا وَهُوَ شَرّٞ لَّكُمۡۚ
وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾
[البقرة: 216].
فلما أَمَر الله بالقتال، شَقَّ ذلك على بعض المسلمين، وقالوا: ﴿رَبَّنَا لِمَ كَتَبۡتَ عَلَيۡنَا ٱلۡقِتَالَ لَوۡلَآ أَخَّرۡتَنَآ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖۗ﴾ [النساء: 77] ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمۡ كُفُّوٓاْ أَيۡدِيَكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ إِذَا فَرِيقٞ مِّنۡهُمۡ يَخۡشَوۡنَ ٱلنَّاسَ كَخَشۡيَةِ ٱللَّهِ أَوۡ أَشَدَّ خَشۡيَةٗۚ وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبۡتَ عَلَيۡنَا ٱلۡقِتَالَ لَوۡلَآ أَخَّرۡتَنَآ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖۗ قُلۡ مَتَٰعُ ٱلدُّنۡيَا قَلِيلٞ وَٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلَا تُظۡلَمُونَ فَتِيلًا ٧٧ أَيۡنَمَا تَكُونُواْ يُدۡرِككُّمُ ٱلۡمَوۡتُ وَلَوۡ كُنتُمۡ فِي بُرُوجٖ مُّشَيَّدَةٖۗ وَإِن تُصِبۡهُمۡ حَسَنَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ سَيِّئَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِكَۚ قُلۡ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ فَمَالِ هَٰٓؤُلَآءِ ٱلۡقَوۡمِ لَا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ حَدِيثٗا ٧٨﴾ [النساء: 77- 78]، أي: حيث وُجدتم، فالموت لابد منه، قاتلتَ أو لم تقاتل، ﴿وَلَوۡ كُنتُمۡ فِي بُرُوجٖ مُّشَيَّدَةٖۗ﴾، أي: ولو كنتم في بروج محصنة قوية، لدخل عليكم الموت؛ لأنه لا يحجبه شيء.
([1]) انظر: تفسير الطبري (23/ 354)، وزاد المسير (4/ 277)، وتفسير ابن كثير (8/ 133).