×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

وقوله: ﴿صَفّٗا، هذا فيه تنظيم القتال. فالمقاتلون يكونون صفًّا واحدًا؛ لأن هذا أهيب للعدو، وفيه تقوية لهم. أما إن تفرقوا فإنه قد يتخللهم الخوف، لكن إذا صفوا صفًّا واحدًا فإن هذا أثبت لقلوبهم وأرهب لعدوهم.

﴿كَأَنَّهُم بُنۡيَٰنٞ مَّرۡصُوصٞ، مصفوف بالحجارة أو بالطوب أو باللَّبِن. ومعروف أن اللَّبِن يتقارب ويشد بعضه بعضًا، وليس فيه فتحات ولا فُرَج ولا خلل ولا ميل، فهو يدل على القوة. والبنيان معروف أنه إذا لم يعتدل سقط، فلابد أن يكون معتدلاً.

فإذا صَفَّ المسلمون للقتال، فإن هذا يُرهِب عدوهم. كذلك إذا صفوا للصلاة فإن هذا يَطرد عنهم الشيطان.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يَصُف أصحابه للقتال، ويعتني بذلك، ولا يسمح لأحد أن يتقدم ولو بصدره، أو يتأخر. وكذلك في الصلاة.

هذا هو الذي يحبه الله عز وجل، فيجب على مَن وعد أن يفعل ما يحبه الله، أن يفي بذلك؛ فإن الله ذم اليهود لإخلافهم ما وعدوه، قال سبحانه وتعالى في اليهود: ﴿أَوَ كُلَّمَا عَٰهَدُواْ عَهۡدٗا نَّبَذَهُۥ فَرِيقٞ مِّنۡهُمۚ [البقرة: 100]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿أَتَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبِرِّ وَتَنسَوۡنَ أَنفُسَكُمۡ وَأَنتُمۡ تَتۡلُونَ ٱلۡكِتَٰبَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ [البقرة: 44]، وقال في المنافقين: ﴿وَمِنۡهُم مَّنۡ عَٰهَدَ ٱللَّهَ لَئِنۡ ءَاتَىٰنَا مِن فَضۡلِهِۦ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّٰلِحِينَ ٧٥ فَلَمَّآ ءَاتَىٰهُم مِّن فَضۡلِهِۦ بَخِلُواْ بِهِۦ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ ٧٦ فَأَعۡقَبَهُمۡ نِفَاقٗا فِي قُلُوبِهِمۡ إِلَىٰ يَوۡمِ يَلۡقَوۡنَهُۥ بِمَآ أَخۡلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكۡذِبُونَ ٧٧ [التوبة: 75- 77].

فيجب على المسلم أن يفي مع الله عز وجل بوعوده وعهوده وعقوده، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَوۡفُواْ بِٱلۡعُقُودِۚ أُحِلَّتۡ لَكُم بَهِيمَةُ ٱلۡأَنۡعَٰمِ إِلَّا مَا يُتۡلَىٰ 


الشرح