عَلَيۡكُمۡ
غَيۡرَ مُحِلِّي ٱلصَّيۡدِ وَأَنتُمۡ حُرُمٌۗ إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ مَا يُرِيدُ﴾ [المائدة: 1]، ﴿وَأَوۡفُواْ بِٱلۡعَهۡدِۖ
إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسُۡٔولٗا﴾
[الإسراء: 34].
ثم
قال سبحانه وتعالى مذكرًا بما حصل من الأمم السابقة، أنهم لم يفوا مع أنبيائهم ولا
بوعودهم وعهودهم، محذرًا لنا من صنيعهم: ﴿وَإِذۡ قَالَ
مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ لِمَ تُؤۡذُونَنِي وَقَد تَّعۡلَمُونَ أَنِّي
رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡۖ﴾
[الصف: 5].
هو
موسى بن عمران عليه السلام، أول أنبياء بني إسرائيل وكليم الله، آذاه قومه بأنواع
من الأذى، وكابد معهم من المشاق الكثير، وكلما أمرهم بأمر تلكئوا وتعنتوا عليه.
وله
معهم مواقف كثيرة، ذكرها الله في القرآن:
منها:
أنه لما أَمَرهم الله عز وجل أن يسيروا مع موسى؛ لفتح بيت المقدس وتخليصه من
العماليق الكفرة الجبابرة، قالوا: ﴿يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ فِيهَا قَوۡمٗا جَبَّارِينَ وَإِنَّا
لَن نَّدۡخُلَهَا حَتَّىٰ يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِن يَخۡرُجُواْ مِنۡهَا فَإِنَّا
دَٰخِلُونَ﴾ [المائدة: 22]، أي: إذا
خرجوا فسندخل. ومعلوم أنهم ليسوا بخارجين من غير قتال، ﴿قَالُواْ
يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّا لَن نَّدۡخُلَهَآ أَبَدٗا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَٱذۡهَبۡ
أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَآ إِنَّا هَٰهُنَا قَٰعِدُونَ﴾
[المائدة: 24]، فهل هناك أشد من هذا الأذى؟! ([1])
ومنها: لما اختار موسى منهم السبعين رجلاً، وذهب بهم لموعد الله، ليعطيه التوراة المكتوبة بألواحها، فلما وصلوا إلى الموعد قالوا: ﴿لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ﴾ [البقرة: 55]، فأخذتهم الصاعقة وماتوا عن آخرهم، ثم أحياهم الله عز وجل. فهذا من مواقفهم الشنيعة مع موسى عليه السلام.
([1]) انظر: تفسير الطبري (10/ 175)، وتفسير ابن كثير (3/ 67)، وتفسير القرطبي (6/ 127).