ومنها:
لما قُتِل قتيل وجُهِل قاتله، وطالب قومه بالقِصاص، وهو لا يَعلم القاتل، أمرهم
الله أن يذبحوا بقرة، ﴿قَالُوٓاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوٗاۖ قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ
أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ﴾
[البقرة: 67]، ثم أخذوا يتعنتون في الأسئلة: ما لونها؟ ما هي؟ وما ذبحوها إلاَّ في
الأخير، ﴿وَمَا كَادُواْ
يَفۡعَلُونَ﴾ [البقرة: 71]. فهذا من
إيذائهم وتعنتهم على نبيهم، فلما ذبحوها أمرهم الله أن يأخذوا جزءًا منها فيضربوا
به القتيل، فضربوه به، فنطق وقال: قتلني فلان.
فهذه
بعض مواقفهم مع موسى عليه السلام؛ لأن لهم مواقف كثيرة.
ومنها:
أنهم آذَوْا موسى عليه السلام، حتى إنهم عابوه في جسمه، لأنه عليه السلام كان
يغتسل مستترًا، وهم كانوا يغتسلون علانية ويكشفون عوراتهم، فقالوا: ما فَعَل هذا
إلاَّ لأن فيه عيبًا يستتر من أجله!! فعابوه، فبرأه الله من هذا العيب الذي وصفوه
به؛ ولهذا قال: ﴿وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ لِمَ
تُؤۡذُونَنِي وَقَد تَّعۡلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡۖ﴾ [الصف: 5]، أي: قد علمتم أن الله عز وجل أرسلني إليكم!!
ومع ذلك يؤذونه.
مع
أن المفترض أن الرسول لا يُؤذَى، بل يُوقَّر ويُحترَم ويُكرَم؛ لأنه رسول من عند
الله، بل يطاع ويُتَّبَع، ويُحَب غاية المحبة، ويكون أَحَبَّ من النفس والولد
والوالد والناس أجمعين، ولكنهم خالفوا هذا.
قال
الله عز وجل: ﴿فَلَمَّا
زَاغُوٓاْ﴾، أي: انصرفوا عن الحق الذي
جاء به موسى، وهم يعلمون أنه رسول الله، عوقبوا بأن أي: صَرَفها، فلا تَقبل الحق
بعد ذلك.
وهذه عقوبة من الله، أن كل مَن عَرَف الحق وتركه رغبةً عنه، فإنه يعاقب في قلبه - والعياذ بالله -، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفِۡٔدَتَهُمۡ