ثم
نادى الله بعد ذلك عباده المؤمنين بألا يأخذوا مأخذ اليهود والنصارى مع أديانهم
وأنبيائهم، فقال عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ
عَلَىٰ تِجَٰرَةٖ تُنجِيكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ﴾
[الصف: 10].
يَعْرِض
عليهم سبحانه وتعالى فيقول: ﴿هَلۡ أَدُلُّكُمۡ﴾
فهذا عَرْض وتشويق، ﴿عَلَىٰ تِجَٰرَةٖ تُنجِيكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ﴾، فهي التجارة التي تنجي من عذاب أليم، وكُلٌّ يريدها.
والتجارة
تجارتان: تجارة دنيوية، وتجارة أخروية.
فالتجارة
الدنيوية: بالمال والنقود والمظاهر.
والتجارة
الأخروية: بالأعمال الصالحة والطاعات.
فأنت
تتاجر مع الله عز وجل بأعمالك الصالحة طلبًا للأجر، كما أن أهل الدنيا يتاجرون
بأموالهم الدنيوية طلبًا للأرباح.
وهذه
التجارة ليست من نوع التجارة المعروفة الدنيوية، هذه تجارة تنجي من عذاب أليم، في
حين أن التجارة الدنيوية قد تهلك صاحبها وتوقعه في العذاب الأليم.
ولما
أجملها سبحانه وتعالى وتطلعت الأنظار إليها، قال: ﴿تُؤۡمِنُونَ
بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ﴾
[الصف: 11]، مع أنه ناداهم فقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ [الصف: 10]؛ لأن الإيمان يَزيد ويتجدد، فالمؤمن يَزيد
إيمانه، فلابد أن يراعي الإنسان إيمانه ويحافظ عليه.
والإيمان بالله هو: الإيمان بربوبيته، وأنه رب العالمين، مالك المُلْك، ذو الجلال والإكرام. والإيمان بألوهيته، وذلك بأن يعبده وحده لا شريك له، وبما شَرَع لعباده. والإيمان بأسمائه وصفاته التي وَصَف وسَمَّى بها نفسه، أو وَصَفه وسَمَّاه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا كله يدخل