×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

 ﴿وَمَسَٰكِنَ طَيِّبَةٗ فِي جَنَّٰتِ عَدۡنٖۚ هذه المساكن الطيبة في جنات عدن. والعَدْن: الإقامة ([1])، أي: جنات إقامة. مِن «عَدَن بالمكان» إذا أقام فيه. وسُميت ﴿جَنَّٰتِ عَدۡنٖۚ؛ لأنها لا تفنى ولا تزول، خلاف مساكن الدنيا وقصورها وأنهارها، فإنها تزول وتنقطع وتفنى.

﴿ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ، فالذي يحصل على هذه التجارة ومرابحها هو الفائز، ومَن عَدَاه فهو الخاسر وإِنْ جَمَع الدنيا كلها.

ثم قال عز وجل: ﴿وَأُخۡرَىٰ تُحِبُّونَهَاۖ، أي: بشارة أخرى تحبون حصولها، ﴿نَصۡرٞ مِّنَ ٱللَّهِ، على أعدائكم ومَن حاول إيذاءكم، ينصركم الله عليه، ﴿وَفَتۡحٞ قَرِيبٞۗ، للإسلام، فينتشر هذا الإسلام، ويفتح الله به القلوب والبلاد. وقد انتشر حتى بلغ المشارق والمغارب، فتحقق قول الله عز وجل: ﴿لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ.

ثم قال عز وجل: ﴿وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ، ليست هذه البشارة خاصة بالمجاهدين، لكن لعموم المؤمنين، حتى ولو لم يجاهدوا، فلهم حظ أوفر من هذه البشارة؛ فكل مؤمن له حظ من هذه البشارة وإن لم يبلغ إلى درجة المجاهدين.

ثم قال عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُوٓاْ أَنصَارَ ٱللَّهِ، نادى الله المؤمنين مرة ثانية بأن يكونوا أنصار الله، فينصرون دين الله ورسوله.

والله عز وجل ليس بحاجة إلى النصرة، وإنما يَنصر الدين ويَنصر المسلمين، فمَن نَصَر الإسلام والمسلمين فقد نَصَر اللهَ سبحانه وتعالى. قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ [محمد: 7]،


الشرح

([1])  انظر: مقاييس اللغة (4/ 248)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 192)، وتاج العروس (35/ 381).