×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

قال تعالى: ﴿وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ أَنتُمۡ قَلِيلٞ مُّسۡتَضۡعَفُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ [الأنفال: 26] من دول الروم والفرس.

فهم في ضلال في عقائدهم وفي دنياهم؛ لأنه ليس عندهم كتاب. والهدى إنما هو في الكتاب، فكانوا في جاهلية جهلاء، وفي ضلالة عمياء؛ ولهذا قال: ﴿وَٱلۡحِكۡمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ.

فأخرجهم الله من هذا الضلال إلى الهداية، ومن الجهل إلى العلم، ومن الظلمات إلى النور، ومن الكفر والشرك إلى الإيمان والتوحيد!! هذه نعمة عظيمة، أي: بَعثة هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنزال هذا الكتاب العظيم، الذي أورثه الله هذه الأمة، قال تعالى: ﴿ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَيۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ [فاطر: 32]، أي: اخترناهم، وهم هذه الأمة.

ولما ذَكَر الله عز وجل منته على هذا الجيل الذي بَعَث فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم، ذَكَر أن نعمته متواصلة على من بعدهم إلى أن تقوم الساعة، فقال: ﴿وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ [الجمعة: 3]، أي: سيَلحقون بهم في العلم والإيمان والدعوة والجهاد.

فهذا القرآن وهذا الدين محفوظان، إن تولى عنه قوم، يَسَّر الله له قومًا آخرين يقومون به.

وقيل: المراد بقوله عز وجل: ﴿وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ، أي: من العجم ([1])، سيَلحقون بالعرب في هذا الدين ويُسْلِمون. ولا مانع من المعنيين.


الشرح

([1])  انظر: تفسير الطبري، (23/ 374)، وتفسير ابن كثير (8/ 142) وتفسير القرطبي (18/ 93).