عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا قَرَأَ: ﴿وَءَاخَرِينَ
مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ﴾
[الجمعة: 3] قَالَ رَجُلٌ: مَنْ هَؤُلاَءِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى سَأَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ
ثَلاَثًا، قَالَ: وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ قَالَ: فَوَضَعَ النَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ، ثُمَّ قَالَ: «لَوْ كَانَ
الإِْيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا، لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلاَءِ» ([1]).
وصَدَق
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكم مِن عالم متبحر في الحديث والفقه، واللغة
العربية والعلوم الشرعية - من الفرس وغيرهم؛ لأن هذا الدين ليس خاصًّا بالعرب،
وإنما هو دين العالمية، مَن دخل فيه وتَمَسَّك به ساد، ومَن تركه هلك. ولكن مسلمو
العرب صاروا معلمين لغيرهم.
﴿وَهُوَ
ٱلۡعَزِيزُ﴾، أي: الله هو العزيز القوي
الذي لا يُغالَب، وإذا أراد شيئًا فإنما يقول له: «كن» فيكون، ولا يمنعه أحد.
﴿ٱلۡحَكِيمُ﴾، الذي يضع الأمور في مواضعها. ومن حكمته: بَعثة هذا
الرسول صلى الله عليه وسلم في العالَم، وإنزال هذا القرآن عليه.
﴿ذَٰلِكَ فَضۡلُ
ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ﴾ [الجمعة: 4]، هذا تذييل للآيات. فالذي أَعْطَى هذه
الأمة وإن كانت أمية، لا تقرأ ولا تكتب - هو الله تفضلاً منه.
ثم
حَذَّر الله عز وجل أن يُحْمَل هذا الكتاب بدون عمل به، كما حصل من الأمم السابقة،
التي حَمَلت الكتب ولم تعمل بها!!
فهذا تحذير من الله لنا؛ لأن هذا القرآن يحتاج منا إلى عمل، ولا يكفي أن نحمله ونرتله، ونُحَسِّن أصواتنا به فقط، بل لابد من
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4897)، ومسلم رقم (2546).