الحيل
والاعتذارات والتخلصات؛ لأن الله يعلم أحوالكم، ولا ينفعكم الكذب والتزوير، ولا
تنفعكم الدعاوى؛ لأن الله عز وجل لا يَخفى عليه شيء، ولا يَروج عليه الكذب
والاحتيال والبهرجة.
﴿فَيُنَبِّئُكُم
بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ﴾
أي: فيخبركم بأعمالكم في الدنيا، دقيقها وجليلها، ظاهرها وخفيها.
ثم
في آخِر السورة خاطب الله المؤمنين خاصة، ودعاهم للاستعداد لهذا اليوم، فقال
سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نُودِيَ
لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوۡمِ ٱلۡجُمُعَةِ فَٱسۡعَوۡاْ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ
ٱلۡبَيۡعَۚ﴾ [الجمعة: 9]، هذا نداء من
الله للمؤمنين خاصة؛ لأنهم هم الذين يمتثلون أوامر الله، ويُصغون لندائه سبحانه
وتعالى بموجب الإيمان، فالإيمان يقتضي منهم الاستجابة لله ولرسوله، وفِعل ما أَمَر
الله به، وتَرْك ما نهى الله عنه.
ودعاهم
لصلاة الجمعة؛ لأن صلاة الجمعة فريضة حتمية على كل مسلم، وكذلك سائر الصلوات
الخمس، لكن خُصت الجمعة لأهميتها.
والمراد
بالنداء: النداء الثاني الذي عند جلوس الإمام على المنبر، وهو الذي كان على عهد
النبي صلى الله عليه وسلم، وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
وفي
خلافة عثمان رضي الله عنه كَثُر الناس في المدينة وتوسعوا، وكَثُر فيهم طلب الرزق،
والبيع والشراء والزرع... وغير ذلك، فكانوا ينشغلون عن الذَّهاب إلى الجمعة.
فعثمان رضي الله عنه أَمَر بالنداء الأول من أجل أن يتنبه الناس مبكرين ويستعدوا لصلاة الجمعة. وأقره المهاجرون، والأنصار على ذلك، فهو من سُنة الخلفاء الراشدين. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ،