وَإِيَّاكُمْ وَالأُْمُورَ
الْمُحْدَثَاتِ، فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([1]).
فالأذان
الأول يوم الجمعة من سُنة الخلفاء الراشدين، وهو باقٍ ومشروع. والغرض منه: تنبيه
الناس في أعمالهم لحضور صلاة الجمعة؛ لأن صلاة الجمعة تُؤدَّى في مكان واحد، خلاف
غيرها من الصلوات، فإنها تُؤدَّى في الحارات والأمكنة المتفرقة، فلما كانت صلاة
الجمعة تُؤدَّى في مكان واحد خُصت بهذا.
ويجب
أن يكون بين الأذانين فترة؛ ليتمكن الناس من الاستعداد والحضور، فيكون الأذان
مبكرًا.
كما
أن الله شَرَع النداء الأول لصلاة الفجر قبل طلوع الفجر، لا لأجل أن يُصَلُّوا
الفجر، وإنما لأجل أن يتأهبوا لصلاة الفجر، فيستيقظ النائم، والمتهجد يُنْهِي
تهجده، فيستعد الناس. وهذا كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما
مَن يقول من المتعالمين: «إن النداء الأول يوم الجمعة بدعة» فإنه لا يَعرف السُّنة
من البدعة؛ لأن البدعة: ما لم يكن من سُنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسُنة
الخلفاء الراشدين.
وما يُروى عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: «النداء الأول يوم الجمعة بدعة» فإنه يريد بذلك البدعة اللُّغوية لا الشرعية، إن صح عنه ذلك. كما قال أبوه رضي الله عنه في صلاة التراويح خلف إمام واحد: «نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ» ([2]). ذَكَر ذلك الحافظ ابن رجب في «شرح الأربعين النووية».
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17142).