﴿فَهُمۡ لَا
يَفۡقَهُونَ﴾، أي: لما طَبَع الله على
قلوبهم، صاروا لا يفهمون الكلام، ولا يَعرفون معنى ما يسمعون ولا ينتفعون، مع أنهم
يَحضرون، ويسمعون القرآن وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع هذا لا ينتفعون!!
قال
الله عز وجل: ﴿وَمِنۡهُم مَّن
يَسۡتَمِعُ إِلَيۡكَ حَتَّىٰٓ إِذَا خَرَجُواْ مِنۡ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ
أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مَاذَا قَالَ ءَانِفًاۚ﴾
[محمد: 16]، فيَحضرون خطبة الجمعة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا خرجوا من
خطبة الجمعة، سألوا أهل العلم؛ كابن مسعود وغيره: ماذا قال محمد آنفًا؟ كأنهم لم
يحضروا! لأنهم لا يفقهون - و العياذ بالله - !!
فالنفاق
سبب في الطبع على القلوب ونَزْع الفقه منها، فيصبح المنافق يسمع ولا يَفهم ولا
يتأثر، ولا يستفيد، وهذا حرمان من الله عز وجل.
ثم
ذَكَر سبحانه وتعالى صفاتهم الظاهرة وخُبْث قلوبهم، فمناظرهم بهية وجميلة، ولكن
قلوبهم فاسدة قبيحة، ولا ينفع جمال الظاهر مع خراب الباطن.
﴿وَإِذَا
رَأَيۡتَهُمۡ تُعۡجِبُكَ أَجۡسَامُهُمۡۖ﴾،
كانوا ذوي هيئات وجمال، كرئيسهم عبد الله بن أُبَي بن سَلول، كان بَهِي المنظر،
جميلاً جسيمًا. وكذلك غيره منهم.
﴿وَإِن يَقُولُواْ
تَسۡمَعۡ لِقَوۡلِهِمۡۖ﴾
أي: عندهم فصاحة ومنطق بليغ، فإذا سمعهم السامع يعجبه كلامهم؛ مِن فصاحتهم
وبلاغتهم، فعندهم جمال الصورة، وعندهم بلاغة في المنطق وفصاحة.
ثم شَبَّههم الله فقال: ﴿كَأَنَّهُمۡ خُشُبٞ مُّسَنَّدَةٞۖ﴾، يَحضرون عند الرسول صلى الله عليه وسلم، ويستندون على الحيطان ويستمعون، ولكن لا يفهمون. فَهُم مثل الخشبة اليابسة، لا يؤثر فيها الكلام والوعظ. والخُشُب المُسَنَّدة لا تفقه ولا تعي!! مع أنهم رجال، ولهم عقول، ولهم مظاهر جميلة، وعندهم فصاحة؛ ولكن لا يفقهون القرآن والسُّنة.