×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

ثم قال الله عز وجل: ﴿قَٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ، أي: لَعَنهم الله. فالقتل معناه: اللعن ([1])، فهذا وعيد شديد وعقوبة عظيمة لهم.

﴿أَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ، ما هو السبب الذي حَمَلهم على هذه الجرائم؟! فالقرآن واضح، والسُّنة واضحة، ومعالم الحق واضحة، فليس لهم عذر في أن يلجئوا إلى ما لجئوا إليه، إلاَّ أن قلوبهم مملوءة بالكفر - والعياذ بالله -، والحقد والبغضاء للمسلمين.

ثم ذَكَر - أيضًا - من صفاتهم: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ تَعَالَوۡاْ يَسۡتَغۡفِرۡ لَكُمۡ رَسُولُ ٱللَّهِ لَوَّوۡاْ رُءُوسَهُمۡ، إذا حصل منهم خطأ أو ذنب، فإن الواجب عليهم التوبة إلى الله في أنفسهم، وأن يطلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لهم؛ لأن الرسول مجاب الدعوة، فإذا استغفر النبي صلى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين غَفَر الله له. أما المنافقون، فإن الله لا يغفر لهم، ولو استغفر لهم الرسول؛ لأنهم ليسوا محلًّا للمغفرة.

﴿لَوَّوۡاْ رُءُوسَهُمۡ تكبرًا وامتناعًا من المجيء للرسول صلى الله عليه وسلم وعن استغفاره؛ لأنهم لا يؤمنون به.

﴿وَرَأَيۡتَهُمۡ يَصُدُّونَ، يصدون عمن يخاطبهم بهذا، ﴿وَهُم مُّسۡتَكۡبِرُونَ [المنافقون: 5]، صدوا صدود استكبار وإعراض، وليس صدودًا عارضًا لأمر من الأمور.

ثم إن الله يَأَّس رسوله أن يَقبل استغفاره لهم، مع أنه صلى الله عليه وسلم حريص على أن يستغفر لهم ولغيرهم من أمته لشفقته ورحمته صلى الله عليه وسلم. قال الله له: ﴿سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ أَسۡتَغۡفَرۡتَ لَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ لَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ، وفي الآية الأخرى: ﴿ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ [التوبة: 80].


الشرح

([1])  انظر: لسان العرب (30/ 234).